back to top
11 مايو 2025

التغلغل الإيراني في أفريقيا: من المنح الدراسية إلى الاتفاقيات الأمنية

تابع القراءة

بقلم حسين أغ عيسى لنصاري

مدريد (ECS).- السِّياق… في تطور لافت، وقّعت النيجر وإيران مذكرة تفاهم في 8 مايو 2025 بنيامي لتعزيز التعاون الأمني، بحضور العميد أحمد رضائي رادان قائد الأمن الإيراني والجنرال محمد تومبا وزير الداخلية النيجري. 

أبرز بنود الاتفاقية: 

– مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والأسلحة.

– إنشاء لجنة خبراء مشتركة للمتابعة.

– تبادل المعلومات الاستخباراتية عبر الإنتربول

– برامج تدريبية للقوات الأمنية.

– عقد اجتماعات سنوية دورية بين البلدين. 

النيجر بوابة إيران إلى الساحل: مخاطر وتداعيات… 

يشكّل التوقيع على هذه الاتفاقية الأمنية بين النيجر وإيران تتويجاً لاستراتيجية إيرانية طويلة الأمد في القارة الأفريقية، بدأت بالغزو الناعم عبر المراكز الثقافية والمنح الدراسية قبل أن تتحول إلى تعاون عسكري وأمني مباشر. 

فمنذ عقود، عملت طهران على بناء شبكة نفوذ ثقافي من خلال عشرات المراكز المنتشرة في السنغال ونيجيريا و جنوب أفريقيا، وحديثا في مالي و النيجر نفسها، إلى جانب منح آلاف الفرص الدراسية للطلاب الأفارقة في الجامعات الإيرانية، بعضهم يتشيّع هناك ومؤسس حزب الرحمن الشيعي في مالي مثالا، الأمر الذي مهد الطريق للشراكات الاستراتيجية الحالية. 

تعتمد الاستراتيجية الإيرانية على منهج “الدكاكين الأمنية” الذي يقدم حلولاً جاهزة و سريعة للدول الواقعة تحت العقوبات الغربية، كما حدث مع فنزويلا. هذا النهج يقوم على ثلاث ركائز أساسية: تدريب الجيوش وربما المليشيات على نمط تجربة الحوثيين في اليمن، تصدير أنظمة المراقبة اللاسلكية كما في زيمبابوي، ربما استغلال الثروات المعدنية كعملة صرف كما جرى في السودان عبر مناجم الذهب. 

في السياق النيجري، جاءت الاتفاقية في لحظة حرجة تستغل فيها إيران ثلاثة عوامل رئيسية: الفراغ الأمني بعد انسحاب القوات الفرنسية و الامريكية، العزلة الدولية للنيجر عقب الانقلاب العسكري 2023، وتصاعد نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل. 

لكن ما وراء الإطار الأمني المعلن، تكمن أبعاد أكثر خطورة تشمل احتمال نقل تكتيكات الحرس الثوري الايراني، توريد أنظمة مراقبة إلكترونية متطورة، ومقايضة غير مباشرة بموارد النيجر من اليورانيوم. 

هذا التحرك الإيراني يحمل تداعيات إقليمية واسعة، قد تؤدي إلى صراع نفوذ مع القوى الدينية الفاعلة في المنطقة مثل تركيا و السعودية، وفرض عقوبات غربية و امريكية إضافية على النيجر مواجهة لنّدها التاريخي إيران، واختراقات حدودية نحو دول الجوار خاصة مالي التي مهدت طريقها إليها لدرجة تواجد حزب سياسي يتبنى الشيعية علنا منذ سنوات، وبوركينا فاسو التي تعاني ماتعانيها النيجر، كما يفتح الباب أمام تحول النيجر إلى محور للمحور الإيراني في غرب أفريقيا، ومنصة للعمليات غير المباشرة في الساحل، وبوابة لتعميق النفوذ عبر شبكات التهريب القائمة. 

بهذا المسار، تبرع إيران في تحويل استثماراتها الثقافية والتعليمية المبكرة إلى شراكات استراتيجية عميقة، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية الكبرى في القارة السمراء، في نموذج قد تتكرر حلقاته في دول أفريقية أخرى تعاني أزمات مماثلة، ما يعزز مكانة طهران مستقبلا كلاعب رئيسي في المعادلة الأفريقية.

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار