روسيا والجزائر تُخضعان واشنطن إلى الشرعية الدولية و لواجب الحياد من جانب أعضاء مجلس الأمن

نيويورك (ECS).— تمكنت موسكو والجزائر من إخضاع مسودة قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية، إلى تعديلات جوهرية ذات حمولة سياسية مست بعض الفقرات التي كانت تشكل إنحياز غير مبرر للأطروحة المغربية الرامية إلى شرعنة الإحتلال وفرض الأمر الواقع على الشعب الصحراوي.

وبعد جلستي مشاورات، عقب الجلسة الخاصة بشأن السودان، جرى نقاش جاد دام لساعات بهدف إدخال تغييرات على الفقرات والمفردات المشبوهة التي طبعت النسختين الأولى و الثانية لمقترح مشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة، خلص إلى تخلى واشنطن عن الفقرة القائلة، بأن الحكم الذاتي هو الحل الواقعي الوحيد للنزاع، وإستبدالها بعبارة “الحكم الذاتي -الحقيقي- قد يشكل الحل الأكثر قابلية للتحقيق، بمعنى أن المقترح المغربي لا يمكن أن يكون تحت سيادة المغرب، بل تحت إدارة الامم المتحدة إذا أُريد تطبيقه وفق القانون الدولي.

كما شددت روسيا الإتحادية على ضرورة حذف الفقرة القائلة، “يشيد المجلس بدور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إيجاد حل لهذا النزاع، ما يعني أن موسكو تعارض بشكل قاطع الإجراءات الأحادية الجانب مثل ما وصفها وزير الخارجية سيرغي لاڤروڤ في 10 اكتوبر الجاري، في إشارة بالحرف إلى الاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية.

إلى ذلك وحفاظا على دور المينورسو، جرى تغيير تمديد ولاية البعثة الاممية، لمدة 12 شهراً إلى غاية 31 اكتوبر 2026، بدلا من 3 أشهر إلى غاية يناير 2026 في النسخة الأولى، و6 أشهر إلى أبريل 2026 في النسخة الثانية، ما يعني عملياً الحفاظ على البعثة ودورها الأصلي من جهة، ومنح مزيد من الوقت للأمانة العامة للامم المتحدة وجهود المبعوث الأممي من جهة أخرى.

التعديلات الجوهرية، غيرت تلقائيا النبرة السياسية للقرار الذي كان يميل إلى كفة المقترح المغربي، إلى كفة القانون الدولي بالحفاظ على مبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير الـمصير، بإدراجه مرتين في النص كشرط لأي حل يمكن إقتراحه أو الإتفاق عليه بين الطرفين، وذلك عملا يقول منطوق القرار، بالقانون الدولي ومبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدّة.

بعد هذ التطور الجذري، يمكن كذلك القول أن القرار حافظ على الإطار القانوني للصحراء الغربية، والحق المتأصل وغير القابل للتقادم في تقرير المصير للشعب الصحراوي. كما من شأنه أن يدعم جبهة البوليساريو سيما مقترحها الموسع الأخير من خلال لإشارة إلى فسح المجال أمام مقترحات وافكار جديدة يقدمها الطرفين مستقبلا خارج إطار الحكم الذاتي.

رغم كل هذه التطورات التي وردت في الساعات الآخيرة من عمل مجلس الأمن اليوم، إلا أن الغموض ما يزال لدى الاعضاء بما في ذلك واشنطن وباريس، تجاه عملية التصويت و نتيجتها المرتقبة، الشيء الذي بدى جليا في عقد جلستين إستثنائيتين نهار اليوم في التعديلات الجذرية التي فرضتها الجزائر وروسيا.