back to top
03 سبتمبر 2025

موريتانيا، “الإستثناء الصعب” في قلب عاصفة الإرهاب في منطقة الساحل

تابع القراءة

مدريد (ECS).— بينما تتوالى الهجمات الإرهابية و العنف والانهيار الأمني في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تبدو موريتانيا وكأنها جزيرة هادئة وسط محيط مضطرب. هذا ما جاء في صحيفة لوموند الفرنسية في أكثر من تقرير، مؤكدة أن المقاربة الأمنية في موريتانيا نجحت – حتى الآن – في تحصين البلاد من موجات العنف الإرهابي الذي يهز منطقة الساحل منذ أكثر من عقد.

¿إعلان خلافة إسلامية في مالي؟ موريتانيا والسنغال في حالة تأهب قصوى بعد إعلان القاعدة

الوضع الأمني في مالي

في تقرير حديث (أبريل 2025) بعنوان: «من مالي، يحاول تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين (GSIM) التمدد نحو السنغال وموريتانيا»، كشفت الصحيفة الفرنسية أن هذه الجماعة المرتبطة بالقاعدة تضاعفت عملياتها في منطقة خاي جنوب غرب مالي سبع مرات بين 2021 و 2024. الهدف كان واضحاً:

 1. قطع خطوط الإمداد نحو العاصمة باماكو.

 2. توسيع شبكات التمويل عبر التهريب والأنشطة غير الشرعية.

 3. مد نفوذها عبر الحدود إلى موريتانيا والسنغال.

ورغم هذا التمدد، لم تسجَّل حتى الآن أي عمليات كبيرة داخل الأراضي الموريتانية، وهو ما اعتبرته لوموند نجاحًا أمنياً لافتًا في ظل بيئة إقليمية مضطربة.

الاستثناء الموريتاني، ¿كيف؟

في تقرير سابق (فبراير 2020) بعنوان: «في الساحل، الاستثناء الموريتاني في مواجهة الجهاد»، أوضحت لوموند أن موريتانيا لم تشهد أي هجوم جهادي على أراضيها منذ عام 2011، وهو ما يميزها عن دول الجوار. ويعود ذلك –حسب التحليل– إلى مجموعة من العوامل أهمها:

 • إستراتيجية أمنية صارمة: تعزيز الجيش وقوات الأمن مع إنشاء وحدات خاصة قادرة على التدخل السريع في المناطق الحدودية الوعرة.

 • دبلوماسية رزينة: تجنبت موريتانيا الانجرار إلى النزاعات الداخلية في مالي، مكتفية بتقوية حدودها والتعاون الاستخباراتي الإقليمي.

 • إحتواء داخلي: أطلقت الدولة برامج “مراجعات فكرية” مع معتقلين سلفيين، ومنحت بعضهم فرصة للاندماج مجددًا، ما خفف من خطر التجنيد الداخلي.

 • ضبط الخطاب الديني: تمت مراقبة الحقل الديني و توجيهه عبر مؤسسات رسمية، ما قلّل من انتشار خطاب التحريض والتجنيد.

تحديات المرحلة المقبلة

رغم كل هذه العوامل الإيجابية، إلا أن موريتانيا مُطالبة بالحذر لأن هذا “الاستثناء” ليس مضمونًا إلى الأبد. فالتمدّد الجهادي نحو الحدود الموريتانية، والفراغ الأمني في مالي، وانتشار الفقر والهشاشة الاجتماعية، كلها عوامل تهدد بتقويض التجربة الموريتانية إذا لم يتم التركيز على عدة نقاط منها:

 1. تعزيز المراقبة الحدودية والاستخباراتية.

 2. تطوير التعاون مع الجمهورية الصحراوية و الجزائر والسنغال والاتحاد الإفريقي.

 3. تجديد الخطاب الديني والاجتماعي بما يعزز الحصانة الداخلية.

إن موريتانيا اليوم أمام معادلة دقيقة: الاستمرار كـ”استثناء آمن” في منطقة ملتهبة، أو الانزلاق نحو دوامة العنف إذا ما فشلت في الحفاظ على توازنها الأمني والاجتماعي. النجاح السابق يحسب لها، لكن المستقبل سيكشف إن كانت هذه الإستراتيجية قادرة على الصمود أمام موجات أكثر عنفًا واضطرابًا قادمة من الشرق.

بخصوص الوضع على الأرض، فقد قال حاكم فصالة الواقعة بولاية الحوض الشرقي على أن المنطقة “جد آمنة”، رغم أن 3 كيلومترات فقط هي التي تفصلها عن دولة مالي، مؤكدا على أن “لا داعي للخوف” في ظل السيطرة على الوضع هناك، على الرغم من أن تهديد الجماعات المسلحة لموريتانيا ما يزال قائما، إذ أنه في فاتح يوليو الماضي أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” مسؤوليتها عن عدة هجمات في غرب مالي قرب الحدود مع السنغال وموريتانيا.

الإمارات العربية المتحدة في موريتانيا: مشروع فوضى أضلاعه صناعة النخب المالية و تكديس الثروة و خلق الولاءات

منذ عام 2011 لم تتعرض موريتانيا التي تشترك مع مالي حدودا تمتد لحوالي 2200 كيلومتر، لأي هجوم على أراضيها. فولاية الحوض الشرقي الشاسعة، لا يوجد متر واحد منها خارج السيطرة” يقول الشيخ أواه منسق وحدة تنمية الولاية. في مقابل ذلك وعلى مدار 15 عاما الماضية، طورت موريتانيا مصالحها الاستخباراتية ذات طابع مجتمعي محلي جعلتها “فائقة الفعالية” وفقا للمراقبين، ولتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2023، حول الإرهاب، أشار إلى وجود فعلا “شبكة استخبارات بشرية فعالة، نشطة بالأساس في الحوض الشرقي”.

لقد ركزت موريتانيا على محاولة تقريب الدولة من مواطنيها من خلال وضع استراتيجية تجمع بين الأمن والتنمية “وقد وجدنا أن الاستجابة الأمنية وحدها لم يسبق أن نجحت في مكافحة الإرهابيين” يقول الشيخ أواه. ففي 2019 تم إنشاء “كتائب الجمال” أو “الدركيون الصحراويون راكبو الجمال”، وأعدادهم بالمئات، معظمهم من شرق موريتانيا، مهمتهم جمع المعلومات الاستخباراتية، وتجسيد وجود الدولة بين السكان الرحل، يوضح الجنرال يعقوب، وهو عسكري موريتاني متقاعد. ويتوقع أن تدخل مبادرة ممولة جزئيا من الاتحاد الأوروبي بقيمة 5 ملايين يورو على مدى 4 سنوات مرحلة جديدة في 2026، من خلال نشر ألوية جديدة في منطقة الحوض الغربي بالقرب من منطقتي خاي ونيورو الساحل في جنوب غرب مالي، حيث تتواجد الجماعات المسلحة.

فيما انخرطت موريتانيا في عمل ديني ضد الخطاب الأصولي، يوضح أمادو سال رئيس مركز أبحاث آفاق موريتانيا، فيما يوجد “تماس حقيقي بين السلطة السياسية والدينية والأمنية، مما يتيح للموريتانيين الحفاظ على استقرارهم” يقول سفير الاتحاد الأوروبي لدى موريتانيا خواكين تاسو فيلالونغا. ومنذ سنة 2023، اضطرت موريتانيا للتعامل مع تدفق اللاجئين الماليين، حيث استضافت زهاء 245 ألف لاجئ يقول الشيخ أواه، مضيفا “هذه مشكلة أمنية حقيقية بالنسبة لنا، لأن جميع الماليين الذين يصلون معبر فصالة الحدودي المفتوح مرحب بهم على الأراضي الموريتانية”.

في مقابل ذلك، يتداول بعض مراقبون ما قيل أنه إمكانية وجود اتفاقية عدم اعتداء بين موريتانيا و”الجهاديين”، لكن نواكشوط نفت دائما وجودها. مصدر مقرب من السلطات في البلاد قال : “أن مخيم امبرة، حيث يوجد معظم اللاجئين الماليين، يستضيف أطفالا وزوجات أعضاء في الجماعات المسلحة، وهو ما يفسر عدم الهجوم على موريتانيا”.

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار