back to top
06 مايو 2025

أين البوصلة التحررية؟ مفارقة مالي وبوركينا فاسو والنيجر في التقارب مع المغرب

تابع القراءة

✍🏽 الطالب علي سالم

شهدت منطقة الساحل الإفريقي في السنوات الأخيرة تحولات سياسية عميقة، تمثّلت في انقلابات عسكرية في كلٍّ من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، جاءت كردّ فعل شعبي على الانهيار الأمني والاقتصادي الناتج عن الحضور الفرنسي الطويل. وقد رُفع في هذه الدول شعار السيادة الوطنية والتحرّر من الهيمنة الغربية، وظهرت تحالفات إقليمية جديدة مثل تحالف دول الساحل (AES)، وبدأت بعض القيادات، كالرئيس الانتقالي في بوركينا فاسو إبراهيم تراوري، تُقدَّم بوصفها امتدادًا رمزيًا للزعيم الإفريقي الثوري توماس سانكارا.

لكنّ المشهد تعرّض لهزّة رمزية كبرى، بعد ظهور وزراء خارجية الدول الثلاث مجتمعين في الرباط مع الملك محمد السادس، في وقت يُقدَّم فيه المغرب كـ”شريك استراتيجي” لهم. هنا تبرز المفارقة: كيف يمكن لدول تدّعي التحرّر من فرنسا أن تتحالف مع نظام هو الذراع اللوجستي والدبلوماسي الأهمّ لفرنسا في إفريقيا؟ كيف لمن يرفع راية مناهضة الاستعمار أن يلتقي سياسيًا مع دولة تحتل أرضًا إفريقية هي الصحراء الغربية؟

هذا التقارب لا يُمكن فصله عن التوتر المتزايد بين هذه الدول الثلاث والجزائر، الدولة التي قدّمت على مدى عقود نموذجًا متماسكًا في دعم قضايا التحرر الوطني، ورفضت التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وقطعت علاقاتها مع فرنسا. وهكذا، نجد من جهة دولًا تطرد الوجود الفرنسي، ومن جهة أخرى تبتعد عن الجزائر وتقيم علاقات استراتيجية مع المغرب، الذي تُعتبر سياساته الامتداد الطبيعي للمنظومة الاستعمارية القديمة.

ما يحصل لا يمكن تسميته فقط بالتناقض، بل هو في جوهره فقدان للبوصلة التحررية. لقد أصبح الخطاب المناهض للغرب مجرّد لافتة إعلامية، بينما تُعقد التحالفات على أساس براغماتي ضيق لا يراعي المبادئ ولا التضحيات. فالمغرب، رغم مظهره الإسلامي والإفريقي، يُمثّل اليوم بوابة للهيمنة الغربية، وفاعلًا رئيسيًا في إدامة الاحتلال بالصحراء الغربية، وتخريب وحدة الموقف الإفريقي والعربي تجاه قضايا تقرير المصير.

السكوت عن احتلال الصحراء الغربية ليس حيادًا، بل اصطفاف ضمني مع الظالم. ومن يزعم السير على خطى سانكارا، عليه أن يتذكّر أن أول زيارة خارجية له كانت إلى الأراضي الصحراوية المحررة دعمًا للشعب الصحراوي، وأنه كان يعتبر تحرير كل إفريقيا شرطًا لتحرّر أي جزء منها.

لا يوجد تحرّر حقيقي بدون مبادئ. ومن يهادن الاحتلال المغربي لا يملك الحق في ادّعاء السيادة أو مناهضة الاستعمار. الصحراء الغربية هي اختبار صدق لكل من يتحدث عن الكرامة والسيادة والتحرّر

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار