يقول الله تبارك وتعالى “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون”، صدق الله العظيم.
تلقيت بحزن عميق ولكن أيضا بالتسليم بقضاء الله وقدره خبر رحيل أخينا ورفيقنا أمحمد خداد الذي نسأل العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن ينزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وإذ هو يلتحق اليوم بمن سبقوه من شهداء وشهيدات قضيتنا العادلة، فإن رحيل أمحمد خداد ليعد مصيبة كبرى وخسارة لا تعوض بالنسبة لشعبنا ولكل من عرفه عبر العالم خلال مسيرته المهنية. وما سيل المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية التي توصلت بها إلى حد الآن من كبار مسؤولي الأمم المتحدة والعديد من الدبلوماسيين الدوليين وغيرهم على إثر رحيل الشهيد أمحمد خداد إلا دليل على ما كان يتمتع به الفقيد من مكانة وتقدير في نفوس الكثيرين في هذا العالم.
لن أتكلم في هذا التأبين المقتضب عن خصال الرجل ولا سيرته الذاتية والنضالية فلا شك أن الكثير من المداد سيسيل في الحديث عن عطاءه الواسع في خدمة قضية شعبنا. لكني سأتكلم وبإيجاز عما عرفته فيه شخصياً وقد جمعتني به سنوات عديدة من العمل في عدة ملفات بما فيها على وجه الخصوص ملف الأمم المتحدة الذي ظل يتابعه عن كثب واهتمام بالغ ويتفاعل معه وهو على فراش المرض.
لقد عرفت في أمحمد خداد رحمه الله الرجل المتواضع والزاهد في حياته والمثابر والمتفاني في عمله بدرجة قل مثيلها، كما عرفت فيه الرجل الصادق الحديث والحافظ للسر والكريم النفس وممن يفضلون العمل في صمت بعيد عن صخب الأضواء. وقبل هذا وذاك عرفت فيه الوطني الصادق المؤمن إيماناً قوياً وراسخاً بقضية شعبه وحتمية الانتصار، فقد كانت خدمة القضية الوطنية بأي سبيل هي مبعث وأساس ومقياس كل عمل وعطاء بالنسبة له. كما عرفت الفقيد كدبلوماسي مقتدر ومفاوض بارع وهو ينافح عن القضية الوطنية في الأمم المتحدة ومحافل دولية كثيرة زاده في ذلك إيمانه الراسخ بعدالة قضية شعبه وثقافة واسعة وقدرة هائلة على التحليل والتواصل والإقناع بمنهجية ولغة راقية. فرحم الله الشهيد أمحمد خداد وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وشعبنا الصبر والسلوان. إن لله وإنا إليه راجعون.
الدكتور سيدي محمد عمار
ممثل الجبهة بالأمم المتحدة