17 سبتمبر 2024

معركة الگرگرات : الشاهد على خيانة المجتمع الدولي للشعب الصحراوي والدليل القطعي على عامل القوة لحسم معركة التحرير.

تابع القراءة


بئر لحلو، 14 نوفمبر 2021 (ECSAHARAUI)

بحلول الـ13 نوفمبر 2021، يكون العام قد إكتمل على إنهيار إتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية بعد مرور 30 ثلاثين سنة عجاف مرت على الشعب الصحراوي في إنتظار إستكمال خطة السلام الإفريقية-الأممية التي إتفق عليها طرفي النزاع جبهة البوليساريو وقوة الإحتلال -المملكة المغربية- وصادق عليها مجلس الأمن الدولي بالإجماع.

لحظة أخرى فارقة في تاريخ ورغم ما قد يترتب عنها من مأسي وأحزان وفقدان للشهداء إلا أن شعب المعجزات مد ذراعيه لها بكل روح وطنية ونصب عينيه الهدف الأسمى الذي قدم الصحراويون من أجله قوافل الشهداء والصبر لعقود في تخوم الحمادة بظروفها الصعبة والصمود في الجزء المحتل في وجه آلة قمعية إجتدهت في تطبيق كل أساليب وتجارب القوى الإستعمارية على المدنيين العزل.

الكركرات وإلى جانب ما شكلته كنقطة تحول كبيرة في كفاح الشعب الصحراوي وأيضا في مسار التسوية الأممي-الإفريقي، كشفت الفشل الذريع الذي تتخبط فيه بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) والأمانة العامة للمنظمة الأممية، واللتان أظهرتا معا الخلل الحقيقي وراء المأزق الذي وصلت إليه القضية الصحراوية رغم وضوح الرؤية للحل النهائي في القرارات الصادرة بداية النزاع على مستوى محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة. ليس فقط الفشل لوحده بل الأسوأ من ذلك، التأمر والمساهمة في تكريس واقع إستعماري يتعارض مع القانون الدولي ومع حقوق الشعب الصحراوي غير القابل للتقادم أو التصرف في الحرية والإستقلال، فليس من المعقول وقبله ليس من المقبول أن تتحول الأمم المتحدة من الحكم إلى الخصم ضد شعب أظهر أقصى حدود التعاون مع المنظمة والإلتزام والتنازلات لأجل تيسير مهمة إنهاء الإحتلال لأراضيه بطريقة سلمية حتى لا تكلف بلدان وشعوب الجيران ثمن اللاإستقرار وعرقلة التنمية والتكامل المنشودين.

هذه المعركة التي قادها مجموعة من المدنيين تتكون من نساء وشباب من مخيمات اللاجئين في الكركرات من أجل التنديد بالثغرة غير القانونية وبالإستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، كانت تجسيدا وإمتدادا للفعل الوطني للمقاومة المدنية خاصة معركة أكديم إزيك التاريخية التي أسطقت كل إدعاءات الإحتلال في مجالات (حقوق الإنسان والتنمية …إلخ) وكشفت الوجه العدواني لهذا النظام التوسعي، لقد أعاد نساء وشباب ورجال الصحراء الغربية المعركة في ”منطقة العازلة” الواقعة بشكل مباشر تحت مسؤولية بعثة المينورسو التي بدروها لم تكن سوى أداة من أدوات الإحتلال لإجهاض أي فعل وطني يندد أو يرفض الواقع الإستعماري، ولعل التفاصيل التي رافقت هذا الحدث وما كان يجري في الكواليس أثبت بما لا يدع مجال للشك تواطؤ البعثة مع قوة الإحتلال في عدوانها ضد الشعب الصحراو ي من جهة والتمرد على الشرعية الدولية وتهديد أمن وإستقرار المنطقة من جهة أخرى.

لقد طفت على السطح مجموعة من الحقائق المؤسفة في حادث الهجوم على المدنيين الصحراويين في منطقة الكركرات من قبل الجيش المغربي التي سبقها لعدة أيام عملية ترتيب واسعة من قبل هذا الأخير سواء من خلال جلب القوات وأيضا المعدات والعتاد الثقيل، إلا أن تفاصيلها لم تقم بعثة المينورسو بتغطيتها في تقاريرها إلى الأمانة العامة وإلى مجلس الأمن مثلما تغطي الأحداث التي شهدتها الكركرات وأيضا سلسلة المظاهرات التي نظمتها فعاليات المجتمع المدني أمام مراكز البعثة في الأراضي المحررة. كما أن الخرجات المتكررة للأمين العام للأمم المتحدة لدعوة المتظاهرين بالإنحساب من الكركرات لا تفسير آخر لها سوى محاولة طمس حقيقة أن الثغرة المتواجدة في الكركرات ليست شرعية ولم يحددها إتفاق وقف إطلاق النار ولا الإتفاقيات العكسرية كمعبر تجاري أو طريق مدني.

إن تواطؤ عناصر بعثة المينورسو ومجلس الأمن بفعل الفيتو الفرنسي مع الإحتلال المغربي ليس بالشيء الجديد، إلا أن صمت الأمانة العامة عن حقائق هامة وجوهرية في قضية الكركرات يثير الكثير من الشكوك حول مصداقيتها في إدارة الملف ومعه مستقبل مسار التسوية وخطة السلام التي ترعاها، فكيف يعقل أن يلتزم غوتيريش الصمت إزاء عدوان الجيش المغربي على المدنيين الصحراويين والهجوم على المنطقة العازلة وإحتلال أراضي جديد من الصحراء الغربية؟ ولماذا يصر على التهرب من تحديد الطرف المسؤول عن هذا الخرق الذي أدى إلى إنهيار وقف إطلاق النار وضرب أمن وإستقرار المنطقة؟

لقد ساهم الموقف المخجل للأطراف الثلاث المسؤولة عن الوضع في الصحراء الغربية (مينورسو، الأمانة العامة، مجلس الأمن) عن ما جرى بل التكتم على تفاصيل هامة في الحادث الخطير، في تبرير موقف جبهة البوليساريو التي أعلنت وقف الإلتزام بوقف إطلاق النار بعدما إلتزمت كل هذه الأطراف الصمت حيال ما يجري، الشيء الذي أعطى الإنطباع بالتواطؤ مع قوة الإحتلال المغربي التي لم تخفي نواياها وأهدافها في التوسع بشكل سريع على باقي الأراضي الصحراوية في إتجاه الحدود مع موريتانيا وتشييد جدار جديد وزرع حقول ألغام.

وإلى جانب أن القانون يعطي للصحراويين الحق في حمل السلاح للدفاع عن النفس في وجه العدوان المغربي، إلا أن المجتمع الدولي لم يساهم أو يعطي ولو بصيص أمل لهذا الشعب الصبور الذي قبل الإنتظار لثلاثة عقود من الزمن تنفيذ خطة التسوية المتفق عليها بين الطرفين وصادق عليها مجلس الأمن قبل أن يتراجع بفعل فاعل عن إلتزاماته تجاه الصحراويين وشعوب المنطقة والقارة الإفريقية التي تنتظر إستكمال عملية تصفية الإستعمار من أخر مستعمرة وتحقيق التكامل المنشود.

يمكن القول أن سنة مرت على آخر فرصة لتحقيق السلام في المنطقة، فبعد الفشل الذريع على مستوى الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وتقييد دور المنظمة القارية الإتحاد الإفريقي في حل النزاعات، بل واليقين التام أن الإعتماد على هذه الأطراف لن يضمن للشعب الصحراوي حقه في الحرية والإستقلال، لم يعد من خيار أمام جبهة البوليساريو بين القبول بالزوال أو تصعيد وتيرة الحرب ضد الإحتلال المغربي لإحداث الفارق على الأرض لإيجاد موقع قدم في التحالفات الدولية الجديدة في ظل نمو موجة التغيير التي يشهدها النظام الدولي بالتزامن مع الأزمات المتعددة وبُروز تحالفات جديدة وتيارات لها أهداف إستراتيجية واضحة المعالم في منطقة شمال إفريقيا الواعدة في مختلف المجالات.


دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار