ملف الترشيح الأصلي الذي قُدِّم للفيفا كان بين إسبانيا و البرتغال فقط، لكن مناورات و ضغط مونكلوا (بتعاطف الإتحاد الإسباني لكرة القدم) أدت إلى إضافة المغرب رغم عدم توفره على بنى تحتية.
مدريد (ECS).- قام رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز بعد فترة وجيزة من تنصيبه، في عام 2018، بااضغط لدمج المغرب مع الثنائي الإسباني-البرتغالي لإستضافة مونديال 2030 لأسباب سياسية.
هكذا تمت العملية:
أولا، قام ملك المغرب محمد السادس في مارس/آذار الماضي بإصدار بلاغ ملكي، بعد أن أعطت له إسبانيا فرصة سبق الإعلان عن الترشح الثلاثي لإسبانيا والبرتغال والمغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، كما فعل بالضبط يوم أمس الأربعاء عندما كشف، حتى قبل الفيفا، عن نجاح ملف الترشيح الذي اختارته الفيفا أخيرا. و تم إرسال بلاغ العاهل المغربي إلى وسائل الإعلام المغربية و الدولية في الساعة 16:45 مساء يوم الأربعاء، بالتوقيت الإسباني، أي قبل نصف ساعة من إعلان الفيفا الرسمي عن بيانها و قبل عدة ساعات من صدور اليان الرسمي من مدريد أو لشبونة.
ويستهل البلاغ الملكي؛ “يسر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أن يعلن للشعب المغربي أن مجلس الفيفا قبل للتو بالإجماع ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لإستضافة المونديال كأس العالم لكرة القدم 2030 (…)”. وتابع العاهل المغربي قائلا؛ “الفيفا تحيي وتعترف بمكانة المغرب البارزة في محفل الأمم العظيمة”. ويختتم كلمته أيضاً بتهنئة كل من إسبانيا والبرتغال على هذا الإنجاز.
و كان العاهل المغربي هو أيضا من تولى أعلان ترشيح بلاده مع إسبانيا و البرتغال في 14 مارس 2023. وسمح له رئيسا حكومتي إسبانيا والبرتغال بالإعلان عن الترشيح الثلاثي. في ذالك الوقت، كان محمد السادس في إجازة طويلة في بوانت دينيس (الغابون)، لكنه كلف وزير التربية والتعليم شكيب بنموسى بقراءة بلاغه نيابة عنه في كيغالي، أين أعلن فيه عن ترشيح المغرب مع إسبانيا و البرتغال. وكان بنموسى قد سافر إلى العاصمة الرواندية لتسلم جائزة منحها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم للعاهل المغربي.
وبعد هذا البلاغ، ضجت وسائل الإعلام المغربية بالتبريكات و أشادوا بمحمد السادس على الدور الذي لعبه والذي سيلعبه في المستقبل. وقال حينها فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، “سيكون حدثا عظيما تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.
إن ضم المغرب إلى الثنائي الإسباني-البرتغالي، و الذي كان يضم أوكرانيا في بداية العام، هو التزام من الرئيس بيدرو سانشيز نفسه و مبادرة شخصية منه. لقد صاغ الاقتراح لأول مرة، دون أن يخبر أي أحد من حكومته، في نوفمبر 2018، أي بعد خمسة أشهر فقط من تنصيبه كرئيس للحكومة الإسبانية، حيث سافر أخيرا إلى الرباط واستقبله الملك نفسه. في ذلك الوقت، لم تكن فكرة إضافة المغرب قد تمت مناقشتها مع البرتغاليين أو المغاربة أنفسهم. كانت مبادرة شخصية من سانشيز لإرضاء محمد السادس.
الجميع يتفاجأ بقرار سانشيز
و بعد العقوبة المفروضة من الفيفا على أندريه بافيلكو، رئيس الاتحاد الأوكراني لكرة القدم، أصبح من الصعب إضافة أوكرانيا إلى الثنائي الإسباني البرتغالي، فأخذ سانشيز زمام المبادرة مجددا. لقد فعل ذلك مقتنعا، حسب الصحافة الإسبانية، بأن توحيد قارتين في نفس الترشيح يزيد من فرص نجاح المونديال. لكن جهود رئيس الحكومة الإسباني كانت ترجع، قبل كل شيء، إلى أسباب سياسية. فالحزب الإشتراكي الإسباني دائما يسعى إلى خلق شبكة من العلاقات الوثيقة بين إسبانيا والمغرب في كافة المجالات، مع شرط أن لا تقوم الجارة الجنوبية إلى إبتزاز الجار الشمالي الأوروبي لانتزاع تنازلات سياسية.
فمنذ أن أرسل سانشيز رسالته الشهيرة إلى محمد السادس في مارس 2022، مؤيدًا الحل الذي تطرحه الرباط لحل النزاع في الصحراء الغربية، تمر العلاقات الثنائية بين مدريد و الرباط بفترة من الهدوء التام و الحذر. و تركز الرباط سياستها الخارجية من خلال خلق التوترات، حتى مع أقرب الدول الصديقة لها، كما يحدث الآن مع فرنسا منذ عام 2021. ويعلق أحد الدبلوماسيين الإسبان قائلاً: “مع الاستعداد لكأس العالم بين المغرب و إسبانيا و البرتغال، ضمن الإسبان، من حيث المبدأ، سبع سنوات من السلام مع النظام المغربي”.
“مع دمج المغرب في هذا الملف لإستضافة كأس العالم، نضمن، من حيث المبدأ، سبع سنوات من السلام” مع المغرب”، يضيف حسب ما نشرته صحيفة “الكونفيدينثال:
و لتنظيم مباريات المونديال، قدّم المغرب هذه المدن الست (الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومراكش وأغادير)، حيث ستشكل إستضافة المغرب كأس العالم تحديا من شأنه أن يعزز اقتصادها بعد لزلزال المدمر و الذي سيعيق حتما نموها الإقتصادي.
أما بالنسبة لوزارتي الداخلية في إسبانيا والبرتغال، فإن تنظيم كأس العالم مع المغرب سيشكل تحديًا أيضًا، لأنه سيتقدم الكثير من المغاربة بطلب للحصول على تأشيرة للعبور الى شبه الجزيرة الإيبيرية لمشاهدة مباريات فريقهم، و سيحاولون بعد دخولهم إلى أوروبا عدم العودة إلى بلدهم. ورغم الزخم في العلاقات بين مدريد و الرباط، إلا أن الهجرة غير الشرعية زادت حدتها في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، حيث وصل فقط الى شبه الجزيرة وجزر الكناري 10.487 مهاجر، بزيادة 23.4% مقارنة بانفس الفترة من العام الماضي.