ذكرت صحيفة “الباييس” الإسبانية أنه مع قرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، تحول المغرب الكبير من منطقة تتمتع بإستقرار ملحوظ إلى “علبة ضغط” حقيقية، موضحة أن قرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط هو نتيجة التصعيد التدريجي للتوتر الذي شهدته الأشهر الأخيرة والذي ليس من الواضح إلى متى سيستمر وإلى أي مدى قد تصل تداعياته.
وكشفت الجريدة أن هناك صراع من أجل الهيمنة على المنطقة المغاربية منذ عقود، ويزيد الخلاف المتزايد بين البلدين من مستوى التوتر في المنطقة، التي تشهد أيضًا أزمة سياسية داخلية في تونس وحالة الحرب في ليبيا بالإضافة إلى الإنهيار المؤسساتي لمنطقة الساحل المجاورة.
وتشير الصحيفة الإسبانية إلى أنه رغم إعلان الرئاسة الجزائرية، الذي قدم سلسلة من الأسباب التي أدت إلى قطع العلاقات الجزائرية،يعتقد الخبراء أن هناك أسبابًا أعمق أدت إلى الانقسام التام بين البلدين.
اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
“اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية خلال إدارة ترامب غيّر الوضع الراهن للصراع، وهو الأمر الذي أضاف إلى التطبيع بين المغرب وإسرائيل وقودًا لنار العلاقات المتضاربة تاريخيًا” ، يقول هيثم أمير فرنانديز ، الباحث في معهد “Elcano”.
فيما ترى إيرين فرنانديز مولينا ، الأستاذة في جامعة إكستر والخبيرة في الشؤون المغاربية،وجود علاقة مباشرة بين المشاكل الداخلية والأزمات الثنائية في المنطقة.
إلى ذلك تشير “الباييس” إلى أن التوتر المتزايد بين البلدين “لا يجلب بشرى سارة” للمغرب الكبير أو إسبانيا أو حتى الإتحاد الأوروبي بأكمله في وقت تواجه المنطقة المغاربية العديد من الأزمات التي تتطلب إستجابات منسقة وهو ما سيكون أكثر صعوبة عندما لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين الرئيسيين.
وأكدت “الباييس” أن الانقسام الجزائري المغربي قد يؤثر على إمدادات الغاز لإسبانيا، لكن المسافة بين الجزائر والرباط من حيث المبدأ لا ينبغي أن تؤثر سلبا على إعادة العلاقات بين إسبانيا والمغرب.
و على هذه الخلفية ، تضيف الصحيفة الإسبانية ، نخشى أن تؤدي دوامة الاستفزازات إلى نوع من المواجهة الشبيهة بالحرب، سيما بعد تسجيل الآن “تحركات القوات على الحدود”.
لسنوات، انخرط المغرب والجزائر في سباق تسلح مكلف، وفي السنوات الخمس الماضية، شكلت مشترياتها من الأسلحة 70 في المائة من جميع مشترياتها من أفريقيا.
وكانت الجزائر قد قررت رسميا الثلاثاء الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب على خلفية “الأعمال العدائية” من قبل المملكة المغربية، وهو إجراء أبدت الرباط ندمها عليه، معتبرة أنه “غير مبرر” تماما وقائم على مبررات وصفتها بـ”الكاذبة”.
وسبق أن قطع المغرب علاقاته مع الجزائر عام 1976 بعد أن أعترفت بالجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية ولم تستأنف العلاقات حتى عام 1988 بعد الوساطة السعودية.
وقد ظل النزاع في الصحراء الغربية أحد المصادر الرئيسية للتوتر في العلاقات بين الجارتين منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تطالب بإستقلال الإقليم الذي يحتله المغرب عسكريًا ويعتبره جزءًا لا يتجزأ من أراضيه وتعرض عليه الحكم الذاتي تحت سيادتها المزعومة.