يعتبر النراع في الصحراء الغربية هو واحد من أقدم النراعات وأكثرها نسيانًا في العالم، فقد باع الإسبان المستعمرة الأخيرة في إفريقيا، الصحراء الغربية، للمغرب والمجموعة الموريتانية آنذاك قبل فترة قصيرة من خروجهم عام 1975.
وبعد حرب طاحنة أعلنت موريتانيا عن إنسحابها من هذه اللعبة القذرة ضد شعب جار يتقاسم معه عادات وتقاليد مجتمع البيظان وكذلك الإسلام الذي أوصى على الجار بالفعل الحسن، بعد قرار الإنسحاب تقدم الجيش المغربي لإحتلال منطقة واد الذهب، في تحد لحكم محكمة العدل الدولية. إستمرت المواجهة العسكرية بين جبهة البوليساريو والمغرب لمدة ستة عشر عامًا. إلى حدود تدخل الأمم المتحدة سنة 1991، وتم التوقيع على إتفاق وقف إطلاق النار، لإعطاء فرصة لتسوية النزاع بطريقة سلمية من خلال إجراء استفتاء لتقرير المصير، الوعد الذي فشلت المنظمة الأممية الوفاء به إلى الآن.
منذ إحتلال المغرب للصحراء الغربية عام 1975، ظل السكان الصحراويون الأصليون في الإقليم يتعرضون للتمييز العنصري والاعتقال التعسفي والتعذيب. على مر السنين ، وخلال فشل إجراء الاستفتاء على تقرير المصير في الإقليم، أظهر الصحراويون الأصليون في المنطقة المحتلة تحديهم لذلك الظلم من خلال نضالهم المدني السلمي، تعرضوا للقمع الرهيب نتيجة لذلك، إلا أن عزيمتهم القوية تفوقت على كل ذلك، وإشتدت الانتفاضة (المظاهرات المطالبة بالاستقلال) منذ بداية هذا القرن ولا زالت مستمرة.
لقد أثيرت في أكثر من مناسبة مخاوف شديدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الصحراويين الذين بقوا في الصحراء الغربية المحتلة من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان والعديد من منظمات حقوق الإنسان، كما ندد تقرير لـ هيومن رايتس ووتش لعام 2019 قيام الأجهزة الأمنية والعسكرية المغربية على انتهاك حق التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع في الصحراء الغربية.
تقرير أخر لمنظمة العفو الدولية في العام نفسه وجد أن “العوائق الإدارية ذات الدوافع السياسية إستخدمت ضج النشطاء الحقوقيين بهدف التقليل من نطاق أنشطتهم، كما أن هناك أيضا أدلة واسعة على استخدام التعذيب، رغم أنها دولة موقعة على الإتفاقية الدولية لوقف التعذيب، وحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وبناء على ذلك ينبغي على المغرب حسب نشطاء حقوق الإنسان، أن يكشف عن حقيقة المئات من الصحراويين المفقودين في العقود الثلاثة الماضية، يصل عددهم إلى أكثر من 500 صحراوي مختطف، على خلفية تحديهم للاحتلال المغربي للصحراء الغربية.
أطلقت عملية ترسيم المستعمرة الإسبانية السابقة حملة واسعة النطاق تهدف إلى ترسيم الثقافة والهوية الصحراوية، هذه السياسة مرفوضة وموقع إدانة من قبل النشطاء الصحراويون الذين يناضلون ضد سياسات البناء أو ما يطلق عليه برامج التنمية في البلاد التي يروج لها النظام المغربي، وكذلك بعض البرامج الأخرى التي تشكل تهديدا حقيقيا للثقافة الصحراوية.
في الجانب الأخر، حافظ الصحراويون في مخيمات اللاجئين على 95٪ من الممارسات الثقافية الصحراوية، وفي مقابل ذلك سجل النشطاء الحقوقيين في الأراضي المحتلة، أن أول إستراتيجية ضارة داخل المجتمع الصحراوي هناك هي سياسة اللغة الرسمية، ذلك راجع إلى إستخدام اللهجات الفرنسية واللهجة المغربية في المدارس والإدارات العامة ومتاجر الأسواق والهيئات العسكرية وفي وسائل الإعلام التي يهيمن عليها المحتل، ويبقىى إاستخدام اللهجة الحسانية يقتصر فقط على الحياة الاجتماعية للأسرة والعائلات الصحراوية التي لا تشكل فئة كبيرة هناك.
المختطف الصحراوي السابق سيدي محمد ددش
سيدي محمد دادش، ضحية للاختفاء القسري لمدة 24 عامًا (قضى 14 عامًا منها في إنتظار تنفيذ حكم الإعدام ضده) هو رئيس اللجنة الصحراوية لحق تقرير المصير، يقول بمرارة أن الشباب الذين وُلدوا ونشأوا تحت الاحتلال فقدوا إرتباطهم بالثقافة الصحراوية، لاسيما اللهجة الحسانية، التي ساهمت بشكل سلبي وإلى حد كبير في التأثير على التواصل بين الأجداد والآباء مع أبنائهم وأحفادهم، هذا طبعا إلى جانب التهجير القصري لطلبة الجامعات والموظفين نحو مدن المغرب.
وفي مسألة التمييز العنصري الذي يواجهه المجتمع الصحراوي داخل إدارة ووكالات النظام العسكري المغربي، حددت للصحراويين بطاقات هوية مغربية خاصة تمكن من تمييزهم بشكل مختلف عن المواطنين المغاربة، وذلك كإشارة للتحذير من أصولهم الصحراوية. ومن ناحية أخرى، فإن جواز السفر الوحيد المتاح للصحراويين في الأراضي المحتلة هو جواز السفر المغربي وهذا في الحقيقة مصدر آخر للغضب لدى الكثيرين، هذا الوضع يسبب مشاكل كثيرة للصحراويين المنفيين الذين يتعين عليهم التعامل مع وثائق الجزائر أو المغرب أو موريتانيا عندما يشرعون في القيام بتسوية وضعهم القانوني في الخارج.