back to top
29 يوليو 2025

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يصدر دراسة حول أهمية الجزائر في المستقبل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في ظل التغييرات الدولية

تابع القراءة

 عالي إبراهيم محمد

أصدر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، دراسة حول العلاقات الامريكية-الجزائرية، مسلطا الضوء على إستراتجية واشنطن تجاه العلاقات مع الجزائر في ظل المتغيرات الدولية على عدة أصعدة، الدراسة ركزت على سمعة الجزائر الجيدة في مقاومة التغييرات.

كما تثير هذه الدراسة جهود الحكومة الحالية للانخراط على الصعيد العالمي ومعالجة التحديات المحلية كما الخارجية على غرار النزاع في الصحراء الغربية الذي يدفع بدوره إلى أهمية الإنتفاح أكثر في الشق المتعلق بالشراكات الدولية.

الدراسة تشير كذلك إلى أهمية الجزائر في المستقبل بالنسبة للولايات المتحدة، والأسباب وراء هذا الإهتمام وتعميق العلاقات الثنائية بين واشنطن والجزائر.

هذه الدراسة التي صدرت منتصف شهر يوليو 2025، عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو أحد اكبر مراكز الدراسة في البلاد التي تستعين بها الإدارة الأمريكية، وبعد فحص معمق لمختلف التطورات والوقائع، خلصت الدراسة إلى عدة إستنتاجات وتوصيات، جاءت كالآتي:

{ الاستنتاجات والتوصيات }

منذ انطلاق الربيع العربي، حرصت الجزائر على اتباع نهج تدريجي للإصلاح على الرغم من الإحساس بـ«الحاجة الملحة» للتغيير. ومع ذلك، تشير القوى الدوّامة داخلياً وخارجياً اليوم إلى أن الفشل في تسريع التغييرات الهيكلية يشكّل خطراً على استقرار الجزائر. وعلى الأقل على الصعيد العلني، أبدت القيادة الجزائرية علامات صغيرة على إدراك هذه الحقيقة.

لدى واشنطن حافز واضح لتشجيع الجزائر على تبني توجه أكبر نحو الانفتاح، كما وُصِف في السيناريو الثاني. وعلى المدى الطويل على الأقل، يمكن لذلك أن يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للدول الأوروبية، وفي الوقت نفسه يُجنّب الجزائر تعميق شراكاتها بشكل كبير مع المنافسين الاستراتيجيين لأمريكا. كما سيسمح بتعميق التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب بين الولايات المتحدة والجزائر، وهو ما سيبقى على الأرجح أولوية أمريكية. وأخيراً، سيسهّل ذلك توسيع فرص الشركات الأمريكية للعمل في هذه البلاد الكبيرة نسبياً والتي تتمتع بثروة معتبرة.

وحتى إذا استمرت الجزائر في تردّدها، فإن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على متابعة مصالحها الرئيسية — صفقات الطاقة والتعاون الأمني — عبر استمرار الانخراط مع الحكومة الجزائرية.

على الرغم من تأكيد إدارة ترامب الثانية دعمها لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، فمن غير المرجح أن تُعرض الجزائر العلاقات الثنائية مع واشنطن للخطر كما فعلت مع باريس.

ومع ذلك، وبغية تعزيز المصالح الأمريكية، يمكن لواشنطن أيضاً أن تستفيد من استعداد الجزائر الظاهر للنظر في بعض التغييرات وحرصها على رفع مكانتها الدبلوماسية. والخطوة الأولى هي جعل الجزائر تشعر بأنها مسموعة. إن زيادة انخراط واشنطن مؤخراً مع الجزائر، والظاهر بوضوح في مذكرة التفاهم الدفاعية الموقعة في يناير 2025، يتماشى مع هذا النهج. بيد أنه لإيصال هذا الانخراط إلى مستوى جديد وتجاوز العقلية الجزائرية المتشككة، يجب على واشنطن أن تطمئن الجزائر بجدّية إلى أنها تحترم مصالحها وأنها لا تفرض رؤيتها لمصلحة أمريكا وحدها. لذا لا بد من عقد حوارات منتظمة بهدف فهم المخاوف والرغبات الرئيسية للجزائر بشأن الشراكة الثنائية — والعكس بالعكس. وعلى المسؤولين الأمريكيين ألا يشتتوا انتباههم؛ فالمتابعة المستمرة ستكون ضرورية لضمان النجاح.

وينبغي أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعميق الحوار حول قضيتين رئيسيتين ذات مصلحة مشتركة — الأمن والطاقة. وفي ضوء تزايد الاضطرابات في منطقة الساحل، حيث انسحبت الولايات المتحدة وفرنسا إلى حد كبير من وجودهما العسكري، يجب على واشنطن أن تنتهز حرص الجزائر على أن تكون زعيماً إقليمياً في مجال الأمن، وأن تساعد في ترسيخ دورها كقائد للجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب. وينبغي أن يعترف هذا الدعم صراحةً بإمكانات الجزائر القائمة وأن يبني عليها، بدلاً من أن يركّز كما في شراكات أخرى في المنطقة على الجهود الأمريكية لتعزيز قدرات نظرائها الجزائريين. كما سيكون من الأساسي التأكد من وجود القيادة السياسية الأمريكية المناسبة لتنفيذ اللجنة العسكرية المشتركة التي أنشئت بموجب مذكرة التفاهم الدفاعية في يناير 2025. فكلما ازداد الثقة والاحترام المتبادل بين الشريكين، زادت احتمالية تقديم الجزائر لمشاركة إضافية في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية وأشكال أخرى من التعاون، وربما في النهاية المساهمة في مبادرات حفظ السلام متعددة الأطراف في أنحاء أخرى من القارة.

وبالمثل، فإن نهج الجزائر تجاه الهجرة مدفوع إلى حد كبير بالاعتبارات الأمنية، وخاصة في المناطق الحدودية. وبالتالي، وفي مقابل دعمٍ أكبر لعملياتها الحدودية، ينبغي على واشنطن تشجيع الجزائر على مواصلة جهودها للامتثال للمعايير الدولية في مكافحة الاتجار بالبشر.

يمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تستفيد من اهتمام الجزائر بالشراكة مع الشركات الأميركية لاستغلال احتياطياتها من الغاز الصخري دون استنزاف موارد المياه في المجتمعات الجزائرية. ويجب على الحكومة الأميركية التنسيق مع القطاع الخاص في مجال الطاقة لتشجيع تدابير مكملة لتوفير المياه، مثل دعم تقنيات الترشيد. أما في المجال الزراعي، فيمكن للخبراء الأميركيين في الخدمة الزراعية الخارجية، طالما ظلوا نشطين في هذا المجال، أن يعملوا مع الجزائر على تحسين الكفاءة الزراعية. وفي قطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية — حيث تسعى الجزائر، كما في الزراعة، إلى تطوير قدراتها المحلية — يجب على الحكومة الأميركية تحديد رواد أعمال جزائريين يمكنهم الاستفادة من شراكات مع شركات أميركية ذات خبرة.

إلى جانب الزراعة، تُعتبر قطاعات التعدين والصناعات الزراعية من القطاعات الرئيسية غير الهيدروكربونية التي تأمل الحكومة الجزائرية في تطويرها.

إقناع الجزائر سيتطلب صبراً ومثابرة لكي تنمو فرص التعاون التجاري. غالباً ما يُعبر رجال الأعمال الأميركيون عن إحباطهم بسبب البطء الشديد — وأحياناً غياب الاستجابة — عند تقديم طلبات تعاون مع نظرائهم الجزائريين. ومع ذلك، فإن الصبر قد يؤتي ثماره، كما حدث عندما منحت الحكومة الجزائرية مؤخراً ترخيصاً بيطرياً لمزارعي الماشية في تكساس لتصدير أبقار الحليب إلى الجزائر، وهو سوق تصدير جديد محتمل يمكن أن يشمل لاحقاً الماشية إذا حصل المزارعون على الموافقات المطلوبة.

في تبادلات الأعمال، كما هو الحال في مجالي الطاقة والأمن، يمكن أن تكون الجزائر شريكاً مفيداً للولايات المتحدة، لكن يجب على الفاعلين الأميركيين أن يكونوا مستعدين للعمل وفقاً لشروط الجزائر.

دبلوماسياً، سيتطلب هذا النهج من واشنطن الحفاظ على مستوى عالٍ من الانخراط مع الجزائر. وكقاعدة عامة، يجب أن يُظهر مثل هذا الانخراط أن الولايات المتحدة ترى في الجزائر شريكاً مهماً وقائداً محتملاً في شؤون منطقة الساحل والسياسة الإفريقية الأوسع، لا سيما في ظل تركيز واشنطن اهتمامها في أماكن أخرى.

تعزيز نظرة الجزائر إلى نفسها كشريك موثوق سيكون أمراً حاسماً، لا سيما في ظل التحالف غير المسبوق بين الدول الغربية خلف المغرب في خطته لحل قضية الصحراء الغربية في مجلس الأمن، والتي تبدو وكأنها تمثل موقفاً أميركياً لا رجعة فيه في دعم سيادة المغرب على الإقليم.

إذا اقتنعت الجزائر بذلك، فيمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في إقناع جبهة البوليساريو بقبول نموذج تفاوضي للحكم الذاتي، يستند إلى خطة الحكم الذاتي المغربية كنقطة انطلاق. ورغم أن احتمالية تحقق ذلك لا تزال ضعيفة، إلا أنها ستظل منعدمة تماماً ما لم تشعر الجزائر بأنها تُعامل على قدم المساواة.

بالإضافة إلى التعاون في مجالي الطاقة والأمن، تتطلع الجزائر إلى تعزيز التبادل الثقافي مع الولايات المتحدة، وخاصة عبر الفرص الدراسية لتعلّم اللغة الإنجليزية. وأصبح هذا أكثر وضوحاً مع التوسع في تدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في المدارس الجزائرية، ونقص عدد المعلمين المؤهلين في البلاد.

لاغتنام هذه الفرصة، ينبغي على الولايات المتحدة توسيع تمويلها ليس فقط للبرامج التعليمية، ولكن أيضاً للتدريب في مجالات مثل إدارة المياه الزراعية. ويمكن أن تُساعد هذه البرامج في تحسين نظرة الجزائريين للولايات المتحدة، خاصة وأن غالبية السكان حالياً لديهم نظرة أكثر إيجابية تجاه الصين.

التوصيات الواردة في هذه الورقة قد تبدو، للوهلة الأولى، مناقضة للتوجه العام للسياسة والدبلوماسية والتجارة الأميركية. ومع ذلك، فإن جهود الجزائر التقليدية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلى جانب ما تمتلكه من موارد طبيعية، قد وفّرت لها بعض الحماية من الرسوم الجمركية والتخفيضات في المساعدات المالية. ونتيجة لذلك، قد تكون الخطوات المقترحة هنا أكثر قابلية للتطبيق في الجزائر مقارنة بدول أخرى تُعدّ شريكة رئيسية للمساعدات الأميركية، كالمغرب.

الجزائر بلد مليء بالفرص، وتتمتع بالعديد من نقاط القوة، بما في ذلك التزامها بالوساطة الدبلوماسية والحوار، ومواردها الطبيعية، وجمالها الطبيعي، وثقافتها الشبابية النابضة بالحياة. ينبغي على الولايات المتحدة أن تكرّس مواردها لتعزيز العلاقة الثنائية بطريقة تُعزز الاستقرار، وتجنّب الأزمات المستقبلية، وتمنع الجزائر من الانجراف في اتجاه معاكس للمصالح الأميركية.

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار