back to top
29 يوليو 2025

قضية حجاوي: عندما يُزعزع جاسوس مغربي سابق لاجئ في إسبانيا عرش محمد السادس

تابع القراءة

 محمد محمود | علي عطار


مدريد (ECS).- يهز مسؤول سابق رفيع في أجهزة الاستخبارات المغربية، فارٌّ في إسبانيا، أركان المؤسسة الحاكمة في الرباط. مهدي حجاوي، الإطار السابق في المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED) والحامل المفترض لأسرار دولة محرجة، هو في قلب قضية تكشف عن صراعات السلطة الشرسة في قمة النظام العلوي. بين حملة تشويه منظمة وكشف معلومات محرجة، تكشف هذه القضية عن تصدعات عميقة في نظام محمد السادس.

قضية مهدي حجاوي، الإطار السابق في المديرية العامة للدراسات والمستندات، تزلزل أوساط الحكم في المغرب. يبلغ من العمر 52 عاماً، ويُقدَّم كرجل استخبارات خارجي سابق رفيع المستوى، وأحياناً يُشار إليه على أنه الرجل الثاني في الجهاز، فرّ إلى أوروبا، مما أثار عاصفة إعلامية ودبلوماسية غير مسبوقة.

اقرأ أيضاً: مسار مصطفى عزيز، اللوبي المغربي المثير للجدل

بعد مروره عبر فرنسا، حيث كان تحت مراقبة لصيقة من الاستخبارات المغربية، لجأ حجاوي إلى إسبانيا طالباً اللجوء السياسي. وقد تم اعتقاله بناءً على مذكرة توقيف دولية صادرة عن المغرب في سبتمبر 2024، قبل أن يُفرج عنه تحت الرقابة القضائية من قبل المحكمة الوطنية في مدريد. التهم الموجهة إليه ثقيلة: الانتماء إلى منظمة إجرامية، الاحتيال المشدد، التزوير واستعمال المزور، وتسهيل الهجرة غير الشرعية.

اختفاء غامض يثير الشكوك

أما التطور الأكثر دراماتيكية في القضية، فهو اختفاء حجاوي المفاجئ. فبعد أن امتنع عن المثول أمام القضاء الإسباني، أصبح الآن يعتبر هارباً من العدالة. وتشير مصادر أمنية مغربية إلى احتمال وجود حماية له من قبل المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية (CNI) في ضواحي مدريد، وهي فرضية، إن تأكدت، ستدل على أهمية الرجل.

هذا الاختفاء يطرح عدة تساؤلات مشروعة. حيث يؤكد حجاوي أنه يملك “معلومات استراتيجية” عن المملكة ويخشى على حياته في حال تسليمه. ويُندّد محاموه الفرنسيون، ويليام بوردون وفنسنت برينغارث، وهما من الأسماء البارزة في القانون الدولي، بـ”إجراء سياسي بحت مدعوم بمكيدة قضائية”، وقد رفعوا طعناً لدى الإنتربول ضد مذكرة التوقيف الدولية. واستعانته بمحامين من هذا المستوى دليل آخر على أهمية قضيته.

مسار مثير للجدل داخل الاستخبارات المغربية

يحيط الغموض بمسار مهدي حجاوي داخل جهاز DGED، حيث تتضارب الروايات حوله. فبينما تشير بعض وسائل الإعلام الإسبانية إلى أنه كان مسؤولاً كبيراً في الجهاز بين عامي 1993 و2014، تؤكد مصادر مغربية أنه “أُقيل بسبب خطأ مهني جسيم” عام 2010، بعد سبع سنوات فقط من الخدمة الفعلية.

يبدو أن واقعتين كانتا السبب في سقوط حجاوي. الأولى، دفاعه العلني عن الإخوة عزايتار، أبطال الفنون القتالية المختلطة MMA، من أصول ألمانية-مغربية، والذين يتمتعون بعلاقة وثيقة ومثيرة للجدل مع الملك محمد السادس. فرغم سوابقهم الجنائية في ألمانيا من عنف واحتيال، فإن قربهم الشديد من الملك يثير غضب الأجهزة الأمنية المغربية، التي تخشى تسرب معلومات حساسة حول هذه العلاقة.

الواقعة الثانية تعود لعام 2023، عندما سلّم حجاوي للملك محمد السادس “كتاباً أبيض حول الاستخبارات والأمن والدفاع الوطني”، وهو ما اعتُبر دليلاً على طموحاته الشخصية في ظل صراع داخلي على المواقع استعداداً لمرحلة ما بعد الملك. هذان التصرفان فُسرا على أنهما استفزازان خطيران من طرف دوائر السلطة، خاصة من عبد اللطيف الحموشي (مدير DGST) وياسين المنصوري (مدير DGED)، بحسب المصادر الإسبانية.

حملة تشويه منظمة

أثارت قضية حجاوي حرباً إعلامية حقيقية كشفت أساليب النظام المغربي. فقد شنت الصحف المقربة من النظام حملة تشويه ممنهجة بهدف تقويض مصداقيته والتقليل من أهمية ما قد يكشفه. ونشرت وسائل إعلام مثل Le360 وHespress وBarlamane مقالات تُهاجمه وتصفه بـ”النصاب المختل”، في محاولة واضحة لنزع المصداقية عن أقواله.

تكشف هذه الحملة عن حالة من الذعر أصابت دوائر القرار. فاستنفار وسائل الإعلام القريبة من الأجهزة الأمنية بهذا الشكل العنيف يشير إلى أن المعلومات التي يمتلكها حجاوي، سواء كانت صحيحة أم لا، تشكل تهديداً فعلياً للنظام.

المعطيات التي يُقال إن حجاوي يملكها، تشمل العمليات السرية للـ DGED في أوروبا، خاصة تجنيد وشراء ذمم سياسيين وصحفيين لدعم الموقف المغربي في قضية الصحراء الغربية.

وما هو أخطر، أن إفاداته قد تكشف خيوط علاقة النظام المغربي ببرنامج التجسس “بيغاسوس”، المستخدم لمراقبة المعارضين والصحفيين ومدافعي حقوق الإنسان.

كما تبرز القضية الصراعات الضارية على النفوذ داخل جهاز الدولة الأمني، وفق ما نقلته صحيفة “لوموند” الفرنسية. فالأجواء الحالية من التصفيات الداخلية تشير إلى نظام يعاني من التآكل، حيث يسعى كل فصيل للتموقع استعداداً لمرحلة ما بعد محمد السادس.

تداعيات قضية حجاوي

لم تكتفِ السلطات المغربية بملاحقة حجاوي فقط. بل طالت موجة من الاعتقالات مقربين منه، من أفراد عائلته وشركائه السابقين، بحسب صحيفة “لوموند”. وتم تجميد ممتلكات ما لا يقل عن عشرة من أفراد أسرته، إلى جانب فرض قيود على سفرهم.

تشكل قضية حجاوي مرآة تعكس الاختلالات العميقة التي تُضعف النظام المغربي. وردة الفعل العنيفة تكشف عن خوف شديد من احتمال كشف أسرار حساسة على يد رجل يعرف جيداً دهاليز السلطة.

المعلومات التي يحتفظ بها حجاوي تشكل على ما يبدو تهديداً وجودياً لبعض أوساط الحكم. فمعرفته الدقيقة بالعمليات السرية، وشبكات النفوذ، والممارسات الداخلية للنظام، تجعله شاهداً خطيراً يجب إسكاته بأي وسيلة. كما أن دفاعه عن الإخوة عزايتار، وتسليمه الكتاب الأبيض، يشيران إلى أنه حاول قبل فراره أن يلعب دوراً في إعادة تشكيل موازين القوى – محاولة ارتدت عليه بعنف.

وبينما لا يزال حجاوي في عداد المفقودين، ويُعتقد أنه تحت حماية أجهزة استخبارات غربية تدرك قيمة المعلومات التي بحوزته، فإن قضيته ما تزال تضعف نظاماً يعاني من الارتباك. وربما لا تكون هذه القضية سوى رأس جبل الجليد.

المصدر: AFRIK.COM

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار