بقلم م.أ (الرباط، المغرب)
مدريد (ECS).- في شهر أكتوبر سنة 1999 ستعرف الصحراء الغربية المحتلة إنتفاضة غير مسبوقة، مظاهرات و مسيرات حاشدة في مدينة العيون المحتلة، خروج مكثف للشباب الصحراوي للمطالبة بأرضه …حق مشروع، حق تقرير المصير.
في هذا الوقت بالذات كان محمد السادس ما لبث أن جلس على عرش أبيه. ليست لديه الخبرة للتعامل مع هكذا أحداث لكن دماء الطغيان و القمع كانت متجذرة في كيانه و بتفكيره و ردود أفعاله. لم ينتظر قليلاً حتى قام بإستدعاء خبير الآلة القمعية، الجنرال حميدو العنيكري، و تعيينه على رأس المخابرات المدنية لاديستي. (…) هنا بدأ القيل و القال.. ¿كيف لجهاز إستخباراتي مدني أن يكون تحت رحمة جنرال عسكري؟ دار المخزن تحت سيطرة العسكر.
صراع الأجنحة في المغرب: عندما فرض العسكر الوصاية على المخابرات المدنية (الجزأ الثاني)
عسكرة الاستخبارات المدنية المغربية كان بمثابة ناقوس خطر دق في عقر دار المخزن، علماً أن الجنرال جاء من أقصى المخابرت الخارجية لادجيد، حيث كان يشغل منصب المدير العام، كأنه تأكيد جازم على انتهاء حقبة الدولة البوليسية، لكن على هاته الاخيرة أن تنحني للعاصفة؛ فالأمر خطير و يتعلق بأمن الدولة و “قضيتها الاولى”: الصحراء الغربية.
و توالت الأحداث و إستطاع الجنرال حميدو العنيكري أن يفي بوعده و أخمد نار الانتفاضة و أثبت مرة اخرى بأن العسكر أكثر كفاءة من دار المخزن في حماية الملك و المؤسسة الملكية.
عصفورين بحجر واحد و العصفور الثاني كان السيطرة التامة على دهاليز و سراديب الإستخبارات المدنية، التي لم تعد تشكل علامة إستفهام للقوات المسلحة المغربية باب مفتوح، لكن مفتاحه عند الجنرال العنيكري.
أحداث 16 ماي منعطف جديد في حرب الأجهزة الأمنية
مرت السنين و العنيكري لايزال مستأسد على قمة هرم المخابرات المدنية إلى أن سُمع دوي إنفجارات الدار البيضاء التي وصل مداها للرباط.
أحداث 16 ماي تفجيرات البيضاء، الارهاب يعصف بالمغرب و لا يستثني من كان بالأمس يعتبر خير مثال في الأمن و الأمان، جعل الجنرال العنيكري يقف عاجزًا في حيرة من أمره ¿ما الذي حصل؟
ضربات همجية كانت مؤثرة في مشهد قاسي لم يسبق له أن عرف مكانا بين صفوف المواطنين المغاربة؛ كانت مفاجأة لم تكن على البال أو الخاطر، سيناريو تعود المغاربة شعبا و قيادة رؤيته فقط على القنوات التلفزية الدولية.
لكن هل ستمر هكذا أحداث دون محاسبة، فهناك خسائر بشرية و مادية و زعزعة أمن دولة و المغرب مطالب بتقديم شروحات و إستفسارات للمجتمع الدولي ¿هل سينتقل المغرب لبؤرة توتر و ملاذ لكل إرهابي و مجرم؟
طبعا لا، فالرد لم يتأخر كثيرًا و أعلنت السلطات عن تفكيك الخلايا المسؤولة عن الأحداث و إعتقال عدد كبير من المشتبه بهم، عمل تم استحسانه من طرف المتتبعين للشأن الدولي، لكن لن تمر الاحداث دون محاسبة و كان على الملك الوافد يومها أن يقوم بتحديث الجهاز الإستخباراتي لديه و المعني هنا هو إعفاء الجنرال حميدو العنيكري من مهامه كمدير عام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني و إستبداله بأحمد حراري، الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات بالدار البيضاء، حينها أيقن الجنرال بأنه كان ضحية مؤامرة من داخل المخابرات المدنية حيث تم حجب المعلومات الحساسة التي كانت تفيد بأن المغرب سيتعرض لهجمات إرهابية من طرف “تنظيم القاعدة”.
قضية حجاوي: عندما يُزعزع جاسوس مغربي سابق لاجئ في إسبانيا عرش محمد السادس