back to top
29 يوليو 2025

ديكتاتورية محمد السادس في المغرب: العنف و القمع و السيطرة المطلقة

تابع القراءة

مدريد (ECS).- منذ توليه العرش عام 1999، رسّخ محمد السادس نظامًا ديكتاتورياً اتسم بالسيطرة المطلقة على السياسة والمجتمع العام في المغرب. ورغم مظهره “الحداثي”، اتسمت حقبته بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وقمع الحركات الاجتماعية، و توطيد جهاز بوليسي ممنهج حافظ على نظام استبدادي وشمولي واضح.

قمع حقوق الإنسان في المناطق المضطهدة

شهدت منطقتا الريف والصحراء الغربية قمعًا ممنهجًا من قِبل قوات القمع و الدرك الملكي المغربي. وتواجه شعوب هذه المناطق اعتقالات تعسفية وتعذيبًا واختفاءً قسريًا، خصوصاً في الصحراء الغربية المحتلة.

الريف والقمع الوحشي عام 2017

في ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧، قمعت قوات الشرطة بوحشية مظاهرة في مدينة الحسيمة، في الريف. و قد انطلقت هذه المظاهرة، التي سُميت “حراك الريف”، ردًا على وفاة محسن فكري – الذي سُحق حتى الموت في حاوية قمامة بعد مصادرة أسماكًا كان يبيعها في الشارع- وأصبح منذ ذالك الحين رمزًا للمقاومة ضد النظام. و إستخدمت قوات الأمن الرصاص و الغاز المسيل للدموع والضرب، مما أسفر عن إصابات عديدة و اعتقالات كثيرة. ورافق هذا القمع الدموي حالات إختفاء قسري وتعذيب في السجون، في محاولة لإسكات التمرد الاجتماعي والحفاظ على السيطرة على هذه المنطقة.

ولا يزال زعيمها ناصر الزفزافي في السجن بسبب قيادته لتلك الاحتجاجات.

القمع في الصحراء الغربية المحتلة وعدم الامتثال لاتفاقيات هيوستن

انتهك المغرب بشكل ممنهج اتفاقيات هيوستن (1997) و الرسائل القانونية للأمم المتحدة ذات الصلة المتعلقة بالشعب الصحراوي، والتي تُقرّ بحق تقرير المصير. وقد أقرّ المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، بأن الصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي يخضع لإحتلال قوة خارجية، وأن مصيره يجب أن يُحسم عبر استفتاء حرّ ونزيه وشفاف. ومع ذلك، عزز المغرب احتلاله بالقمع والاعتقالات الجماعية بمساعدة ما يسمى “مجموعةأصدقاء الصحراء الغربية”.

على وجه الخصوص، شكّل قمع انتفاضة عام 2005 في العيون المحتلة علامة فارقة و منعطف في تاريخ المقاومة الصحراوية. خرج آلاف الصحراويين إلى الشوارع احتجاجًا على الوجود العسكري المغربي، في مظاهرات عازمة على المطالبة بتقرير المصير و الإستقلال. كان الرد المغربي وحشيًّاً: استخدمت القوات المغربية الأسلحة النارية و الرصاص المطاطي والتعذيب لتفريق المظاهرات، مما أسفر عن إصابة واعتقال العديد من المواطنين. وقد أفاد سجناء صحراويون بتعرضهم للتعذيب الممنهج وظروف احتجاز لاإنسانية وحالات اختفاء قسري، بما يتماشى مع انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

انتهاك الحقوق في القانون الدولي

أدانت الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان التابعة لها مرارًا وتكرارًا الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية، حيث ينتهك المغرب الحماية الدولية لحق تقرير المصير. وينص ميثاق الأمم المتحدة والأدبيات القانونية المتعلقة بهذا الموضوع على أنه لا يجوز لأي دولة ممارسة سيادتها من خلال قمع الشعب المضطهد، وهي حقيقة لا يزال المغرب ينتهكها منهجيًا.

السيطرة المطلقة على السلطة وتوطيد الملكية

لقد رسّخت ديكتاتورية محمد السادس نظامًا تسود فيه السلطة الملكية على المؤسسات الديمقراطية. فالانتخابات، وإن كانت شكلية، تفتقر إلى الاستقلال الحقيقي، ويواجه المعارضون السياسيون الرقابة والترهيب و السجن. وبدلًا من أن يكون الملك رمزًا للوحدة، أصبح سيدًا مطلقًا يتخذ القرارات دون ضوابط أو توازنات تذكر.

السلطة في المغرب تسيطر عليها العائلة المالكة و أفراد هذه الأسرة، مع مؤسسات يبدو أنها تعمل فقط لإضفاء الشرعية على سلطة الملك. ربما سعى الإصلاح الدستوري لعام ٢٠١١، الذي أُقرّ بعد احتجاجات حركة ٢٠ فبراير، إلى فتح نافذة للتعددية، لكنه في الواقع لم يُغيّر جوهريًا طبيعة السلطة الملكية، التي لا تزال نظامًا استبداديًا وسريًا.

الجانب الديني والرؤية الشمولية

أحْكم المخزن سيطرته الأيديولوجية والأخلاقية على الدولة في عهد محمد السادس، الذي يُقدم نفسه على أنه ضامنًا رسمياً للإسلام و يُعزز بذالك سلطته، التذ تُقيّد الحريات الدينية، وتُقمع الأصوات المعارضة، وخاصةً تلك التي تُشكك في العلاقة الرسمية مع النظام الملكي أو تُروّج لتغييرات في الحريات الدينية. يُروّج التعليم ووسائل الإعلام الحكومية لرؤية رسمية للإسلام تُعزز رواية السيطرة وتُبقي الشعب في حالة من الخضوع التام.

التوترات الدولية؛ الجزائر وإسبانيا

تصاعدت التوترات مع الجزائر، لا سيما نتيجة تباين سياساتهما تجاه الصحراء الغربية. ففي حين تدعم الجزائر حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتدعم جبهة البوليساريو، يُصر المغرب على إحتلاله و مطالباته الإقليمية وقمعه للصحراويين. وقد أدى هذا الصراع إلى توتر العلاقات الدبلوماسية، مع إغلاق الحدود وتبادل الاتهامات بدعم حركات تخريبية.

من ناحية أخرى، تتسم العلاقات مع إسبانيا أيضًا بقضية الصحراء الغربية وطموحات النظام المغربي التوسعية تجاه سبتة ومليلية. وقد أدت مطالبته بهذه الأراضي الإسبانية الواقعة شمال أفريقيا وقمع المهاجرين والجاليات المعارضة إلى توترات دبلوماسية تعكس عمق سيطرة النظام المغربي و تعسفه.

الأدبيات القانونية والحاجة إلى المقاومة

من منظور قانوني دولي، يتطلب الوضع في المغرب والأراضي الصحراوية المحتلة اتخاذ إجراءات حازمة قائمة على الشرعية واحترام حقوق الإنسان. تُشدد أدبيات الأمم المتحدة القانونية على حق تقرير المصير، وحماية الحقوق المدنية والسياسية، وسيادتها على سيادة القانون. إلا أن المغرب، عمليًا، لا يزال يتجاهل هذه الالتزامات.

يُمثل نظام محمد السادس شكلاً من أشكال الاستبداد، الذي، وإن كان مُتستراً وراء واجهة الحداثة، يقوم أساساً على القمع وانتهاكات حقوق الإنسان واستعباد شعبه و شعب الأراضي المحتلة الصحراوية. وقد أثبت التاريخ أن المقاومة والنضال من أجل العدالة أمران لا مفر منهما في مواجهة أنظمة تسعى إلى ترسيخ سلطتها بتجاهل إرادة الشعب. ومن الضروري أن يعزز المجتمع الدولي دوره، ويطالب باحترام حقيقي لحقوق الإنسان وإيجاد حل عادل ونهائي للصراع في الصحراء الغربية، على أساس مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي، وفقا للمعايير الدولية.

 

نقلاً عن أوترا-ليكتورا، للكاتب الإسباني سالازار. 

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار