مخيمات اللاجئين الصحراويين
أعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام أنها ستنهي عمل بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام التي لم تعمل على تنفيذ بالمهمة التي وكلت إليها وفق ما جاء في قرار التشكيل الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بما فيها بعثة الأمم المتحدة لإجراء إستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، المعروفة إختصارا بإسم (مينورسو)
وكان في وقت سابق، قد أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في أكثر من مناسبة “أن الولايات المتحدة تسعى إلى إيجاد سبل لإنهاء مهام بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في أفريقيا، التي لم تنجح في توفير إستقرارا طويل الأمد في الأماكن التي تتواجد فيها.
المحافظ الأمريكي وفي بيان له نشرته في وقت سابق من هذه السنة و كالة هيريتاج جاء فيه “سنقوم فقط بدعم العمليات الفعالة والكفؤة، وسوف نبحث عن طرق لترشيد أو إعادة تشكيل أو إنهاء المهام تلك التي لم تفي بولايتها الخاصة أو تسهل إرساء السلام الدائم، هدفنا في ذلك هو حل النزاعات، وليس المساهمة في ركودها‘‘.
وقال مستشار إدارة ترامب المعروف بقراراته الحاسمة، خلال نزوله ضيفا على مؤسسة “هيريتاج” في ديسمبر الماضي، أن الأمم المتحدة، الهيئة الدولية المعنية بإنشاء بعثات سلام لم تعد تعي أهمية لكيفية إنهاء النزاع القائم، مضيفا أن الإدارة الأمريكية لن تقبل بالمساهمة في توفير شرعية لتلك البعثات مكلفة ماديا للبلدان بإرسال جنود مجهزين تجهيزًا جيدًا، في مقابل ذلك لا توفر الحماية اللازمة للسكان المستضعفين على الأرض”.
وكمثال على عدم قدرة الأمم المتحدة حل النزاعات، إستشهد بالمسؤول الأمريكي، بقضية الصحراء الغربية العالقة منذ عقود، مؤكدًا أنه، بصفته مسؤولا في وزارة الخارجية، ملزم بالمشاركة في تسوية مسألة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، وخلص إلى أن “النجاح لا يقتصر على الإبقاء على مهام البعثات الأممية إلى ما لا نهاية”.
’’الصحراء الغربية.. فشل مخطط التوسية وأزمة الوضع الإنساني‘‘
منذ بداية النزاع الصحراوي-المغربي ، حاول الأمناء العامون للأمم المتحدة حلها، إلا أنه وإلى اليوم، لم ينجح أي منهم في الوصول إلى حل نهائي للقضية، حيث أن المعاجلة الكارثية للأمم المتحدة لهذا النزاع، أدت إلى أسوأ كابوس للشعب الصحراوي، سواء أولئك الذين في مخيمات اللاجئين منذ عقود تحت رحمة المساعدات المادية وظروف عيش جد صعبة أو في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية تحت وطئة إحتلال ظالم وعلى وقع الإغتيالات، الإعتقالات التعسفية وإنتهاك لكل الحقوق الأسياسية بشكل يومي وممنهج.
هكذا إذن كان مصير كل الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في مسار التسوية وعملية التفاوض على حل بشأن الأراضي المتنازع عليها منذ عام 1975، منذ أن غادرت القوة الاستعمارية لإسبانيا الإقليم، تلتها المواجهة العسكرية إثر الإجتياح العسكري المغربي، حيث إستمرت حتى عام 1991، أي عند تدخل الأمم المتحدة لإقرار وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية.
لقد مر أكثر من 40 عامًا من عمر النزاع، و قرابة ثلاث عقود على مسار التسوية الأممي، في سيناريو يبدو وأنه مجرد كذبة، أصبح الصحراويين أبعد ما يكونون عن رؤية حل في الأفق، عكس ما كان عليه الحال قبل 20 عامًا، عندما وعدت الأمم المتحدة في عام 1991 بحل النزاع في فترة لا تتجاوز عامين، أي ما سوف يستغرق لإجراء تعداد كامل والتصويت على استفتاء لتقرير المصير.
اليوم، تغيرت النظرة لدى غالبية الصحراويين، بل صار الإيمان بأن الحل الوحيد لإجبار المغرب على إنهاء إحتلاله لبلدهم، هو العودة إلى الكفاح المسلح، الأمر تتجنب الأمم المتحدة نفسها ومجلس الأمن وقوعه بأي ثمن، لكنهم في مقابل لم يتخذوا أية قرارات حاسمة وإيجابية، بل صاروا على النهج السلبي وإعطاء وضع متقدم للمغرب، ما يحيي الإستمرار في إطالة أمد النزاع، مما يزيد من وضع الصحراويين وبالتالي نفاذ صبرهم.
التوازن في المنطقة.
44 عامًا، ظلت مهمة خاصة للأمم المتحدة، و 6 من الأمناء العامين، و 4 مبعوثين شخصيين، و 45 قرارًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، و 49 تقريرًا من مختلف الأمناء العامين للأمم المتحدة ووضع الشعب الصحراوي ظل كما عليه عيله منذ عام 1975، دون تغيير يذكر على الأرض.
ومع ذلك، تواصل الأمم المتحدة جعل الشعب الصحراوي يعتقد أنه بإمكانها حل النزاع من خلال التقارير أو البيانات الدورية غايتها رفع معنويات الصحراويين، وهي خطة سوسيولجية قذرة للغاية، والتي من المدهش أنها لا تزال تمضي لصالحهم، رغم الحقيقة أن النراع الصحراء الغربية وقضية آخر مستعمرة في إفريقيا، يعد بمثابة فشل هائل، مطلق وغير مسبوق للأمم المتحدة، بغض النظر عن ما يحاولون تعويضه في هذا الجانب.
إن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير غير قابل للتصرف ولا يمكن دحضه، وكما علمنا التاريخ، لم تُربح الحقوق أبدًا في مكاتب الأمم المتحدة الحديثة أو تجمعات الأصدقاء المزيفين، فالشعب الصحراوي يحتاج إلى ضربة على الطاولة، وإعادة توجيه مستقبله، والبدء في أن تكون دولته ذات إقليم معترف به، و أن لا تسمح بأن تكون أضحوكة لكل بلد أو مسؤول سياسي أجنبي، يلقي بعبارات سامة على الجمهور بهدف تهدئة توتر الشعب الصحراوي وإبقائه في مكانه الطبيعي. وصولا إلى هذا الحد، يبقى السؤال هل الأمم المتحدة هي فعلا لازمة ولا مفر عن قراراتها ؟
44 عامًا من الإستعمار والكذب في وسط صحراء نائية، مدة طويلة للغاية، وكل يوم يمر والصحراويون بعيدون عن الاستقلال، يسمحون للمغرب بتعزيز وتقوية نفسه وجوده، لذا بات من الواجب على كل صحراوي مراجعة الماضي ومعرفة ما إذا كان قد تقدم فعلاً بشيء في هذا النزاع أو العكس.