بقلم حسين أغ عيسى لنصاري
مدريد (ECS). – يشهد التصاعد الأخير للهجمات الجهادية ضد المصالح الصينية في مالي تحولاً نوعياً في استراتيجيات الجماعات الجهادية بالساحل، لاسيما تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث لم يعد هذا التهديد مجرد تطور أمني عابر بل تحول إلى إستراتيجية منهجية تُمثل تغيراً جوهرياً في أولويات هذه الجماعات. عملية اختطاف الخبراء الصينيين الثلاثة في النيجر عام 2024 وتمادي احتجازهم لأكثر من عام، تزامناً مع الهجمات المباشرة على المنشآت الصينية واختطاف اثنين من خبرائها في مالي مؤخراً، تشكل معاً نمطاً عملياتياً متكاملاً يدل على تخطيط طويل الأمد وتنفيذ مدروس.

التحول الصيني ورد فعل الجماعات الجهادية:
يبرز هذا التوجه الجديد للجماعات الجهادية كرد فعل طبيعي على التحول الكبير في الموقف الصيني من سياسة الحياد النسبي إلى الانحياز الواضح لتحالف دول الساحل بالتعاون مع روسيا وتركيا. لقد حولت الصين نفسها من قوة اقتصادية محايدة إلى طرف في المعادلة الأمنية الإقليمية، وهو ما دفع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (الفرع المحلي لتنظيم القاعدة في الساحل) إلى إعادة تصنيفها كهدف استراتيجي. تظهر عمليات الاختطاف المتكررة للعمال الصينيين في النيجر ومالي نمطاً واضحاً في اختيار الضحايا، حيث يتم التركيز على العناصر الفنية والخبراء في قطاعات التعدين والبنية التحتية، ما يعكس فهم الجماعات لأهمية هذه الكوادر للوجود الاقتصادي الصيني.
تمتد جذور هذا التصعيد إلى التحول الجيوسياسي الأوسع في المنطقة، حيث أدى الانسحاب الفرنسي والغربي والوجود الروسي المتزايد عبر مجموعة فاغنر إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. لقد وجدت الصين نفسها مضطرة لاختيار جانب في هذا الصراع، وهو ما جعلها عرضة للاستهداف من قبل الجماعات الجهادية التي تسعى إلى استهداف الجهات الأجنبية التي تساند حكومات المنطقة ضدها. ويظهر التنسيق بين عمليات الاختطاف عبر الحدود الوطنية وجود شبكة إقليمية موحدة للجماعات، مع قدرة واضحة على جمع المعلومات وتنفيذ عمليات معقدة عبر مساحات جغرافية واسعة.
