back to top
29 أبريل 2025

تحليل نقدي “للدعاية المغربية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية” في الولايات المتحدة الأمريكية

تابع القراءة

بقلم سليم جلّاب، محام من الحزب الإشتراكي الفرنسي

     باريس (ECS).- في مقال نُشر مؤخراً على موقع معهد هدسون الأمريكي، تدعو فيه الصحفية المغربية زينب ريبوعا إلى إدراج جبهة البوليساريو في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. و نحاول في هذا المقال أن بيّن و نوضح أن هذا الطرح مبني أساساً على انحيازات أيديولوجية بحتة، بنت أطروحتها على مصادر مشكوك فيها، مع خلط مكشوف للوقائع، و تجاهل صارخ للقانون الدولي، ولا سيما حق تقرير المصير. التحليل التالي يفنّد إدعاءات ريبوعا ويُعيد الصراع في الصحراء الغربية إلى إطاره القانوني والجيوسياسي المشروع.

من هي زينب ريبوعا؟ ومن أي موقع تتحدث؟

    زينب ريبوعا، هي كاتبة مألوفة في منصات أمريكية محافظة. تعمل منذ وقت طويل في معهد هدسون، وهو عبارة عن مركز أبحاث محافظ مقره في واشنطن، معروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل، ودفاعه عن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وعلاقاته الوثيقة مع حكومات حليفة، منها المغرب.

    ريبوعا تنشط أيضاً في “مركز السلام  والازدهار” في الرباط، وهو مركز أبحاث يروّج لنشاط الدبلوماسية المغربية على الساحة الدولية. منشوراتها تتبنى دائماً خطاباً معادياً لجبهة البوليساريو ومتطابقاً مع الرواية الرسمية المغربية. موقفها ليس حيادياً، بل سياسي بإمتياز، مما يُضعف أي إدعاء بالموضوعية في مقالها.

ماذا لو كان كل ذلك مخططاً؟

الحق في تقرير المصير: الأساس القانوني المُغيب

    تعترف الأمم المتحدة منذ عام 1979 بجبهة البوليساريو كممثل شرعي و وحيد لشعب الصحراء الغربية. وتُصنف الأمم المتحدة الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، في انتظار تصفية الاستعمار. وقد خلصت محكمة العدل الدولية عام 1975 إلى أن المغرب لا يتمتع بأي سيادة على هذا الإقليم، وأكدت حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

    تصنيف جبهة البوليساريو إذاً كمنظمة إرهابية يُعد تجريمًا لحركة تحرير وطني مدعومة بالقانون الدولي، و يمثل سابقة خطيرة في التعامل مع قضايا تصفية الاستعمار في العالم.

مصدر غير موثوق

   يعتمد مقال ريبوعا بشكل شبه حصري على مصادر غير قابلة للتحقق، صادرة عن مراكز مغربية أو مؤسسات ضغط داعمة للمغرب في واشنطن، مثل “المركز المغربي الأمريكي للسياسات”. لم يتم الاستشهاد بأي تقرير صادر عن مؤسسات مستقلة و رسمية مثل الأمم المتحدة أو منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش (…).

   الروابط المزعومة بين البوليساريو وحزب الله أو حزب العمال الكردستاني أو جماعات أخرى تنشط في الساحل، لا تستند إلى أي وثائق رسمية أو أدلة قضائية. إنها مجرد تعميمات خطابية و دعاية مفضوحة، لا ترقى إلى مستوى التحليل الأكاديمي، بل تدخل ضمن إطار “الدعاية السياسية”.

استراتيجية “المعضلة الأيديولوجية”

    يعمد المقال إلى الربط بين علاقات الجزائر أو جبهة البوليساريو مع دول مثل إيران أو روسيا، للإيحاء بأنها تنتمي إلى “محور معادٍ” للولايات المتحدة. هذه المقاربة التي تُدين الآخر بـ”القرابة السياسية” لا تصمد لا من الناحية القانونية ولا السياسية.

    مثل هذا التحليل يعكس رؤية نيوليبرالية للعالم، ترى أن أي طرف لا ينتمي لمحور الولايات المتحدة–إسرائيل–المغرب يجب أن يكون عدواً محتملاً. لكنها قراءة خاطئة و بعيدة كل البعد عن الواقع الدبلوماسي للصراع.

تجاهل الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان

   يركز مقال ريبوعا على مزاعم حول انتهاكات في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تيندوف، لكنه يتجاهل كلياً الانتهاكات الموثقة في المناطق الصحراوية التي يحتلها المغرب: قمع النشطاء الصحراويين، التجسس بإستخدام برنامج بيغاسوس، التعذيب الممنهج والاعتقالات التعسفية. هذه الممارسات موثقة على نطاق واسع من قبل منظمات كـ HRW والعفو الدولية، لكن مقال معهد هدسون تجاهل هذه الحقائق.

   هذا التجاهل الانتقائي يُبرز ازدواجية المعايير، ويكشف انحياز الكاتبة للطرف المغربي.

معهد أيديولوجي لا أكاديمي

   يُموَّل معهد هدسون من جهات خاصة، كثير منها مرتبط بشركات صناعة السلاح أو بحكومات حليفة للولايات المتحدة. لا يُعد هذا المعهد مركز أبحاث حيادي، بل فاعلاً مؤثراً في صناعة السياسات المحافظة في الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا السياق، يُعتبر مقال ريبوعا أقرب إلى أداة تأثير سياسي منه إلى تحليل استراتيجي رصين.

    إن مقال زينب ريبوعا لا يُعتبر تحليلًا موثوقًا، بل جزءاً من حملة سياسية مغرضة تهدف إلى نزع الشرعية عن جبهة البوليساريو. من خلال اعتمادها على مصادر منحازة، و خطاب أيديولوجي عدواني، وإنكار القانون الدولي، تسهم في تجريم حركة تحرر وطنية معترف بها دولياً.

   هذه المحاولة تندرج ضمن استراتيجية المغرب لمحاولة عزل جبهة البوليساريو دولياً، عبر إستغلال ما يسمى “المخاوف الأمنية”. لكنها تُشكل تهديداً خطيراً للشرعية الدولية و لحق الشعوب في تقرير مصيرها.

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار