على ما يبدو أن النظام المغربي لا يزال وفيًا لعقيدته المخزنية و آلاته القمعية التي لم تُطوَ بعد رغم محاولاته “التصلاحية” مع سنوات الرصاص الحافلة بشتى أنواع التعنيف و الاعتداء على الكرامة و النفس البشرية.
و على ما ييدو أيضًا، فإن أن أشباح الماضي لا تزال تعيش في مقرات و مباني، يُسمع بداخلها أنين التعذيب و صراخ الجلادين، لكن هذه المرة طيور الظلام إختارت أنت تختبئ وسط الناس و خلف جدران البراءة؛ في إحدى أحياء مدينة الدار البيضاء الجانبية (الألفة) يوجد ثاني أكبر مقر للمخابرات المغربية المدنية “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني” المعروفة إختصاراً ب “لاديستي“.
هذا المبنى الذي يوجد بمقربة من حديقة الألعاب للأطفال إختار أن يختبئ خلف البراءة و يجعل منها عنوانه الجديد لطي صفحة الشر و القذارة لكن لاشيء تغير. هذا المبنى هو المقر الجهوي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو أيضًا يعد مركز لإعتقال و التعذيب لكل من سولت له نفسه أن يعارض أو يقول كلمة الحق ضد المخزن الظالم الغاشم.
فبين سنتي ٢٠١٥ و ٢٠١٦ كان هذا المبنى ملاذا و حقلًا خصبًا لتعذيب نشطاء حراك الريف و على رأسهم ناصر الزفزافي و من معه، و مرُّوا قبلهم نشطاء حركة عشرين فبراير و ما خفي كان أعظم.
(…) عبارة مبنى مظلم غامض لا يتوفر على أدنى شروط المؤسسات الإدارية، فهو لا يضع علم المملكة المغربية و ليس فيه أي كتابة أو علامات تدل على أنه بناية إدارية أو شيء من هذا القبيل؛ كل هذه المؤشرات ليست إلا دليل على تشبث المخزن بعقيدته الظلامية التي ترسخت جدورها حتى في هندسته المعمارية. مقر المخابرات المغربية بجهة الدار البيضاء تم بناؤه، ليس لحماية الشعب و الدفاع عن مصالحه ضد المفسدين، و لكن الهدف منه هو زرع الخوف في نفوس المواطنين و قمع الأصوات الشريفة و الحرة المطالبة بالإصلاح و القضاء على نواة الفساد.
يوجد بداخل هذا المبنى، الذي أقل ما يمكن القول عنه أنه “صيدنايا” المغرب” مكاتب للتحقيق و الإستجواب و الإستنطاق و قبو بأسفله هناك يتم الإحتفاظ بالمعتقلين قبل أن يتم اقتيادهم إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الذي يوجد على بعد كيلومترات منه.
بهذه الطريقة تتم معاملة معتقلي الرأي و القضايا الوطنية بشكل مغاير تمامًا على ما كان يقوم به المخزن في الماضي، ممكن القول بأن المخزن إختار سبل جديدة تتماشى مع مقتضيات العصر بالإحتفاظ طبعًا بثوبه القديم ألا و هو تعذيب النفس البشرية.
يوجد على رأس هذا المبنى أحد أكبر رموز النظام الإستخباراتي في المغرب، شخص يقولون بأنه الرقم واحد في التعذيب. هذا الشخص جلاد من جلادين النظام لا تزال يداه ملطختين بدماء سنوات الرصاص و يظهر أنه إعتاد على ذلك بل أصبح يتنفس على صراخ و آلام الأبرياء. هذا الشخص أسمه “عبد الرحيم حامي الدين” رتبته والي أمن، (والي أمن هي رتبة سامية لضباط المخابرات و الشرطة في المغرب) و أيضًا هو المدير الجهوي لمقر الإدارة الجهوية لمراقبة التراب الوطني أي هو رئيس لاديستي بالدار البيضاء.
عبد الرحيم حامي الدين، مدير عام الاستخبارات المغربية الداخلية على مستوى الدار البيضاء.
في السادس من شهر ديسمبر ٢٠٢٤ وجهت أمينة بوعياش رسالة بإسم محمد السادس للمشاركين الحقوقيين من أنحاء العالم بندوة تحت شعار “مرور عشرين سنة على تأسيس هيئة الإنصاف و المصالحة”، تبرز فيه مدى حفاظ المملكة المغربية على سيرورة التوثيق لمسار حقوق الإنسان بالمغرب. و يوم الإثنين ٢٤ مارس شاركت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في لقاء خاص بالبرلمان البريطاني عرضت فيه كل الخطوط العريضة التي تبناها المغرب في مشواره البارز على مستوى حقوق الإنسان و العدالة الإنتقالية و التصالح مع الماضي و حقوق المرأة …إلخ.
لكن هل تعلم السيدة أمينة بوعياش و معها البرلمان البريطاني بأن هناك مقر هو من أكبر مراكز التعذيب بالمغرب الذي يمنع ذكره او الكتابة عنه حتى في الصحف الحرة و المستقلة؟،لماذا المخزن المغربي لا يزال يحتفظ بمثل هاته المراكز و هو يقول بأن سنوات الرصاص قد انتهت؟
¿لماذا الدولة المغربية ترفض فتح هذا المبنى للعموم، لماذا يتم التكتم عليه؟ ماذا يحدث هناك لا يريد المخزن الرأي العام أن يعرفه؟
اليوم و بشكل علني، تدين أصوات مغربية بشدة شتى مظاهر الإنتهاكات الجسيمة تجاه حقوق الانسان و في حق الكرامة البشرية، و ترى أن الحتفاظ بمثل هذه المراكز هو جريمة تعاقب عليها النصوص و المواثيق الدولية و لهذا تطالب من المخزن المغربي أن يفتح أبواب مراكز التعذيب تحت إشراف لجان حقوقية دولية و منظمات مختصة في هذا المجال.
دعم الصحافة الحرة
إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.
تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.
إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا. بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.