back to top
07 أبريل 2025

حين يتقاطع الإستفزاز الإقليمي مع الأجندات الخارجية: ¿هل تسعى مالي لتصدير أزمتها نحو الحدود الجزائرية؟

تابع القراءة

بقلم رشيد زين الدين

في خضم وضع إقليمي بالغ التعقيد، تعود جمهورية مالي لتفتح جبهة توتر غير مبررة على الحدود الجنوبية للجزائر، هذه المرة بدعم معلن أو مستتر من طرف النظام المغربي، الذي يُعرف بسعيه الحثيث لإرباك محيطه المغاربي عبر بوابات متعددة، أبرزها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، والتي باتت تشكل “مثلث تحالف غير مستقر” تسعى أطراف خارجية عدة لتوظيفه في استراتيجياتها الإقليمية لأجندتها.

حادثة الطائرة المسيّرة… ¿محاولة اختراق أم عمل عدائي مباشر؟

الواقعة الأخيرة، و التي تمثلت في إسقاط الدفاعات الجوية الجزائرية لطائرة مسيّرة مجهّزة بصواريخ هجومية، بعد أن اخترقت المجال الجوي الجزائري بعمق يتجاوز كيلومترين، ليست مجرد حادث عرضي أو خطأ تقني كما قد تُروّج له بعض الأطراف، بل إن الحمولة العسكرية للطائرة – أربعة صواريخ هجومية – تُسقط عنها صفة “الاستطلاع” المزعومة، وتكشف نوايا مبيتة لم تكن بريئة بأي حال من الأحوال.

وقد أعقب ذلك إعلان كل من مالي وبوركينا فاسو و النيجر، بشكل مفاجئ ومُنسّق، عن استدعاء سفرائهم من الجزائر للتشاور، متهمين الجزائر بما وصفوه بـ”العدوان على سيادة مالي“، في خطاب يتناقض تمامًا مع الواقع الجغرافي و العسكري والسياسي.

الجزائر… بين إلتزامات العقيدة ومقتضيات السيادة

الجزائر، التي بنت عقيدتها الدبلوماسية والعسكرية منذ الاستقلال على عدم التدخل في شؤون الآخرين واحترام سيادة الدول، لم تنخرط قط في مغامرات عسكرية خارج حدودها، بل كانت دائمًا عنصر توازن وحلّ، لا عنصر إشعال وتخريب. لكنها، وفي المقابل، تحتفظ بحق أصيل ومشروع في الدفاع عن سيادتها وأمنها الوطني، ضد أي اختراق بري أو جوي أو بحري.

لذا فإن التعامل مع هذا الحادث، لم يكن خرقًا للقانون الدولي، بل تنفيذًا لواجب دستوري وأمني، تمثل في ردّ صارم على انتهاك مباشر للسيادة الوطنية.

دور الرباط في تأجيج الوضع… العداء المزمن يتجدد

من يقرأ بين سطور هذا التصعيد، سيجد بوضوح بصمات النظام المغربي الذي لطالما سعى لتطويق الجزائر عبر تحالفا  وظيفية مع أنظمة هشة أو مضطربة، تُستخدم كأدوات ضغط إقليمي. فالمغرب، الذي يعيش عزلة دبلوماسية متفاقمة بفعل جرائمه في الصحراء الغربية ورفضه للشرعية الدولية، يحاول حرف الأنظار عن وضعه الداخلي وعن الضربات المتتالية التي يتلقاها على يد جيش التحرير الصحراوي.

كما أن هذا التوتر يأتي في وقت حسّاس قبيل زيارة مرتقبة للمبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، ما يُشير إلى محاولة خلق وضع أمني مشوش لتقويض المساعي الأممية و دفع الجزائر إلى الانشغال بملفات هامشية.

الرسالة الجزائرية… واضحة وصارمة

الجزائر لا تبحث عن التصعيد، لكنها في الوقت نفسه لن تتساهل مع أي تجاوز لحدودها أو محاولة اختبار جاهزيتها الدفاعية. الرسالة وصلت واضحة: الاعتداء على السيادة خط أحمر، والرد سيكون سريعًا ومباشرًا.

على حكومة باماكو أن تدرك أن من يسعى لتوريطها في مواجهة غير محسوبة مع الجزائر، لا يفعل ذلك حبًا في مالي، بل توظيفًا لها في معادلة أكبر لا تخدم مصلحتها، وأن المراهنة على الرباط أو غيرها لن تجلب إلا المزيد من العزلة والخسارة.

و في الختام، فإن الجزائر، دولة المؤسسات والعقيدة الثابتة، ستبقى الحصن المنيع لأمنها وحدودها، وصوت العقل في محيط مضطرب، لكنها في الآن ذاته، لن تتردد في ردع أي عدوان، مهما كانت الجهة التي تقف خلفه، إقليمية كانت أو دولية.

دعم الصحافة الحرة

إن كرمكم يمكّننا من النهوض بمهمتنا والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

تركز حملتنا على تعزيز العدالة والسلام وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. نحن نؤمن بشدة بأهمية فهم أصل هذا النزاع وتعقيداته حتى نتمكن من معالجته بفعالية والعمل على إيجاد حل يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.

إن كرمكم ودعمكم ضروريان لعملنا.
بمساعدتكم، يمكننا أن نرفع أصواتنا ونرفع الوعي بالوضع في الصحراء الغربية ونقدم المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها وندعو إلى حل سلمي وعادل للنزاع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار