بقلم لحبيب عبد الحي
أعلنت جبهة تحرير أزواد، وليدة الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن شعب أزواد، اليوم الثلاثاء، أنها نجحت بالفعل في تحرير الرهينة الإسباني نافارو جياني جيلبرت، الذي كان قد إختطفته مجموعة مسلحة يوم الثلاثاء الماضي بين تمنراست و تمغرس، على طريق تاهيفت، جنوب الجزائر. و قالت جبهة تحرير أزواد، في بيان لها: “نعلن للرأي العام المحلي والدولي أنها نجحت بفضل عملية نفذتها إحدى وحداتها الأمنية، بالتزامن مع مفاوضات أجراها أشخاص ذوو نفوذ اجتماعي، في تحرير الرهينة الإسباني نافارو جياني جيلبرت بنجاح بعد إنقاذه”.
الجماعات الإرهابية التي تقاتل من أجل السيطرة على منطقة الساحل
و أضافت جبهة تحرير أزواد في بيانها أن الإسباني نافارو اختطف يوم 14 يناير، وجرى نقله إلى إقليم أزواد من قبل “خاطفيه المنتمين إلى شبكة الجريمة المنظمة و الإرهاب العاملة في منطقة الساحل وخارجها”.
¿كيف جرت العملية؟
الجميع كان ينتظر و يتابع تسلسل الأحداث السريعة في منطقة أزواد؛ من الجزائر إلى إسبانيا و من باماكو إلى مدريد و من تمنراست إلى مينكّا. كان هناك الكثير على المحك (مصلحة شعب أزواد و المعابر الحدودية و النفوذ الجزائري في منطقة الساحل، إضافة إلى مستقبل حركات أزواد). في منطقة تكاد الشمس فيها لا تلامس الأرض و إسمها يبدو وكأنه أصبح أكبر منها، كل العيون كانت تقع على منطقة أزواد؛ عيون الغرب و الشرق و دول الجوار، و المجلس العسكري في باماكو يترصد و يتحين الفرصة الثمينة لضرب مصداقية خصمه.
و قد شارك في عملية تحرير الرهينة الإسباني نافارو جياني جيلبرت عشرات من نخبة الجنود التابعين لجبهة تحرير أزواد، ولكن أيضًا أشخاص ذوو نفوذ كبير، نزلوا بكل ثقلهم الإجتماعي و السياسي. و كانت قوات أزواد قد تمركزت في مصب إزدجارات، على بعد 100 كيلومتر شمال ميناكا في الأيام الأخيرة. في تلك النقطة تمركزت هذه الوحدات العسكرية المجهزة و قامت بمحاصرة الخاطفين في تلك المنطقة و فتحت معهم مفاوضات معقدة.
و كان مصدر خاص قد أكد لنا يوم أمس الاثنين أن الرهينة الإسباني تم تحريره حوالي الساعة 18:30 و تم نقله إلى مكان آمن تابع لجيش تحرير أزواد بالقرب من تينزاواتين، على الحدود مع الجزائر، على الجانب الأزوادي، حيث أمضى الليلة الماضية هناك. يتمتع بصحة جيدة وتمكن من الاتصال بعائلته عبر الهاتف، حسبما ذكرت عدة مصادر حصرية في جبهة تحرير أزواد، التي أعلنت أن الرهينة الإسباني قد تم تسليمه بالفعل إلى السلطات الجزائرية عصر اليوم.
و قد تمكنت جبهة تحرير أزواد، بعد ظهر الإثنين، من تحديد مكان الرهينة الإسباني، الذي اختطف جنوب الجزائر يوم الثلاثاء الماضي 14 يناير الجاري، بمصب إزدجارات، على بعد حوالي 800 كيلومتر جنوب تنزواتين. و بعد سلسلة من المفاوضات المعقدة مع العصابة التي اختطفته تم تحرير الرهينة بعد ظهر يوم الاثنين.
و بعد تداول خبر الإختطاف، طلبت الحكومة الإسبانية “أقصى قدر من الحذر” لضمان سلامة الرهينة وحتى يمكن إطلاق سراحه في أقرب وقت ممكن. وأفادت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة الماضي، أن “الحكومة تعمل بشكل حثيث على توضيح كافة جوانب” عملية الاختطاف “والتوصل إلى حل لها”، وذلك بعد تأكيدها، مساء الخميس، اختطاف مواطن إسباني من قبل عناصر تابعة لجماعة جهادية بتمنراست، جنوب الجزائر قرب الحدود مع مالي.
و أكدت مصادر موثوقة أن المواطن الإسباني كان محتجزا ضواحي مدينة ميناكا، على الحدود بين مالي و النيجر. وبحسب المعلومات نفسها، فقد تركه خاطفوه ليواجه مصيره في مجرى نهر إزدجارات قبل أن يتم إنقاذه حوالي الساعة 6:00 مساءً (بالتوقيت المحلي) بعد ظهر يوم الاثنين. وبحسب مصدر عسكري من جبهة تحرير أزواد، فإن فرع الساحل لتنظيم الدولة الإسلامية أراد دفع حوالي 250 مليون فرنك أفريقي مقابل الرهينة.
بدأت حركة تحرير أزواد، بعد تلقيها معلومات تفيد باختطاف مواطن غربي ونقله إلى الأراضي التي تقع تحت سيطرتها، في البحث. الوساطات العشائرية و الاجتماعية وإشراك وجهاء المنطقة، وإدارة الوضع بناء على الخبرة في مثل هذه الأزمات، جعلت الخلية الأزواديية التي تولت القضية تتوج جهودها بالنجاح.
مفاوضات صعبة ولكن سريعة
وبعد ساعات قليلة من عملية الاختطاف، وبحسب مصادر خاصة في شمال مالي، كان الخاطفون يعتزمون بالفعل تسليم الرهينة إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش-الساحل) مقابل مبلغ مالي. وهي عادة منتشرة وشائعة في منطقة غير مستقرة حيث تواجه العصابات المسلحة في كثير من الأحيان الحركات الإرهابية للبحث عن المال و الموارد.
هذه المرة، أخذت قيادة جبهة تحرير أزواد زمام المبادرة حتى لا تكون هناك مقايضة بين الإرهابيين و الخاطفين. تم اتخاذ قرارات لمنع الأطراف من التواصل بينهم، ناهيك عن التوصل إلى اتفاق. لقد كانوا في سباق مع الزمن لإنقاذ حياة الرهينة، ومنعه من الوقوع في أيدي فرع الساحل لتنظيم داعش. ولتحقيق هذا الهدف، نشرت حركة أزواد فريقًا مخصصًا، بقيادة أحد أفضل ضباطها، وهو ضابط عسكري يتمتع بخبرة كبيرة. و تعقبت الوحدة العسكرية الخاطفين لتحديد مكانهم قبل أن يتواصلوا مع الإرهابيين وإبرام صفقة بيع الرهينة معهم.
كما بادرت جبهة تحرير أزواد إلى تعيين وسطاء مقربين من عائلات الخاطفين، حتى يتراجعوا وينبذوا فعلتها الإجرامية هذه من خلال فهم خطورة أفعالهم، من خلال قياس الضرر الذي يمكن أن يسببوه لمجتمعهم من خلال تعريض حياة مواطن إسباني للخطر. ولذلك، استخدمت جبهة تحرير أزواد قوتها الناعمة أيضًا في التأثير على الخاطفين. لقد تكللت مهمة المساعي الحميدة التي قام بها العباس آغ أنتالا بثمارها. ووفقاً لمصدر مقرب من هذه الجهة، وافق الخاطفون، في نهاية المطاف، على التعاون. علاوة على ذلك، كانوا على قد إستسلموا للضغوط التي مارستها عليهم جبهة تحرير أزواد لإطلاق سراح الرهينة.
القوات المالية المتجهة نحو تنزاواتن تقرر الإنسحاب من أرض المعركة